التدبير والتصرف. وتمثل هذه التعريفاتُ وجهة نظر الفلاسفة.
وللمتكلمين نظرية أخرى يستعملون فيها فكرة الجوهر البسيط استعمالا طريفًا. وأكثر ما يكون هؤلاء المتكلمون من أصحاب مذهب الجوهر الفرد؛ فالجوهر البسيط ليس عندهم غير الجوهر الفرد، وكذلك النفس التي هي جوهر بسيط يتمثلونها نوعًا من الجوهر الفرد، كأنها ذرة روحية (Monade) حقيقية والعلم قائم في الجوهر الفرد.
ولم يشارك الإمامان فخر الدين الرازي والغزالى في مشكلة مذهب الجوهر الفرد؛ إلا أن النسفى مؤلف "العقائد" وشارحه التفتازانى، كانا من أصحاب هذا المذهب: فقد قال النسفى: "إن العالم بكل أجزائه مخلوق؛ وهو مركب من جواهر (يسميها هو أعيانًا) وأعراض. والجواهر هي ما يوجد منطقيًا بذاته. وهي إما مركبة كالجسم، وإما بسيطة كالجوهر، أي الجزء الذي لايتجزأ (الجوهر الفرد) ". ويبين التفتازانى ما لقبول مذهب الجوهر الفرد من فائدة في الدفاع عن العقيدة. وهذا يؤدى إلى رفض رأى الفلاسفة القائلين بأن العالم مؤلف من هيَولىَ وصورة، وهو رأى يَسْلم إلى الرأى القائل بعدم العالم وإنكَار الحشر. والواقع أن الهيولى يجب أن تكون قديمة؛ لأن كل مخلوق في هذا المذهب هو كذلك من حيث هو في هيولى سابقة، ومن حيث أن قدم الهيولى يؤدى إلى قدم الأجسام. ثم إن الفلاسفة يقررون أن الحركة الدائرية، وهي حركة الأفلاك السماوية، قديمة في المحل الذي لاتستطيع فيه الحركة المستقيمة أن تكون كذلك. أما إذا تقرر أن كل الأجسام، ومن بينها الأفلاك السماوية، مؤلفة من جواهر فردية، فعندئذ تكون الحركات الدائرية مؤلفة من نقلات مستقيمة الجواهر الفردية التي ليست قديمة.
ولا يطلق علم التوحيد الإسلامي اسم "الجوهر" على الله، ولا فَعَل ذلك المتكلمون من القائلين بمذهب الجوهر الفرد، إذ أن هذه اللفظة تدل عندهم على الجوهر الفرد بصفة خاصة، وهو