الزمن قدرها إحدى وثلاثون سنة، أى من عام ١٧٢٦ إلى عام ١٧٥٧، قام رجال الجيش بتولية وعزل أو قتل أربعة عشر سلطانا وذلك تبعًا للعطايا (مُنى) التي كانت تبذل لهم: وفى عام ١٧٥٧، توفى السلطان عبد اللَّه بن إسماعيل فخلفه ابنه محمد، وكان السلطان عبد اللَّه نفسه قد أقيم على العرش، وخلع عنه سبع مرات؛ واستطاع محمد، وكان في حكمه شديد البأس والقوة، أن يمسك بزمام هذه القبائل التي يتألف منها الجيش، فقد كسر من شوكة البواخر بتفريقهم وإنفاذهم إلى شتى المرافئ؛ وأراد محمد أن يحد من سلطان الشراردة فجَّند بطونًا من قبائل سهل مراكش في المخزن (منابهة ورهمنه وعبده وأحمر وهربل)، فكان على كل قبيلة منها أن ترسل قائدين وأتباعهما ليلتحقا بالجيش وانفصلت هذه الفرق من قبائلها ودخلت في مخزن مراكش التابعة له، وأجرى عليهم من الأعطيات ما كان يجرى على غيرهم من الجند وأعفوا من الضرائب.
ودبّ العصيان مرة أخرى في عهد السلطان يزيد بن محمد، وقد ساعد عليه ضعف هذا الحاكم، فاغتيل وعاد النضال من جديد حول عرش مراكش، فأصبحت مسرحًا تعيث فيه قبائل الجيش. وأخيرًا أفلح مولاى سليمان حوالى عام ١٧٩١ في شق طريقه إلى العرش وغلب على منافسه مولاى هشام الذي كان قد بويع في مراكش. وانتقض الشراردة عليه انتقاضا وهو في حملة على البربر في الجنوب وانضمت أداية إلى مولاى سليمان ضد الثوار وانتهزت هذه الفرصة وسلبت فاس. وكان النصر حليف مولاى سليمان، فلما توفى نادت أداية بخليفته مولاى عبد الرحمن سلطانا عام ١٨٢٢ غير أن الشراردة قاموا بثورة أخرى كادوا يخلعون فيها عبد الرحمن، فلم يجد مناصًا من أن يجعل معظم مقامه في مراكش إذ يسهل عليه أن يسيطر منها على القبائل. ولكن الأحداث التي وقعت في شمال مملكته، وهى فتنة أداية وغزو الفرنسيين لبلاد الجزائر وقتال عامله عبد القادر له، أجبرته على الارتداد إلى فاس، وأراد أن يخرج