السلطان عبد الحميد الثاني. وقد كان لقيام هذه الصفوة العسكرية الحديثة المدركة لعلمها الرفيع وتفتحها للمثل الأوربية بفضل التدريب، آثار خطيرة في تاريخ الإمبراطورية العثمانية والدول التي خلفتها.
وقد عاصرت الإصلاحات التي أدخلت على الجيش العثمانى الإصلاحات التي أدخلها محمد على وإلى مصر على الجيش المصرى. وذلك أنه ما إن مكّن لنفسه في حكم هذه البلاد حتى استقر رأيه على إنشاء جيش كفء، فقد عمد سنة ١٨١٥ إلى إدخال التدريب الأوربى في قواته بعد عودته من الحجاز، وقد أثار هذا الفعل منه سخطًا عظيمًا وتمردًا قام في القاهرة. واضطر محمد على إلى إرجاء مشروعاته إلى حين. وفى سنة ١٨١٩ استخدم الكولونيل يوسف سيف، وهو ضابط من ضباط نابليون كان قد اعتزل الخدمة العسكرية (اعتنق الإسلام من بعد وأصبح يعرف باسم سليمان باشا ليشرف على التدريب في مدرسة حربية جديدة أنشأها في أسوان بعيدا عن القاهرة وكان الجنود الذين يدربون رقيقًا من السودان و ٣٠٠ مملوك من مماليك محمد على. وقد واجه سيف الصعوبات المعهودة التي واجهها الضباط الأوربيون في الإمبراطورية العثمانية وهى: التمرد النابع من احتقار النصارى الأوربيين، والنفور المطلق من الأساليب الفنية الأوربية في التدريب. وحاول محمد على بادئ ذى بدء أن يجند رقيقا من السودان في جمهرة جيشه، ولكن نسبة الوفيات بينهم كانت مرتفعة جدا، ذلك أنه لم يبق من الأربعة والعشرين ألف رقيق الذين جندوا سنة ١٨٢٤ إلا نحو من ثلاثة آلاف في هذه السنة ومن ثم تخلى عن هذه الطريقة وبدأ محمد على يجند جنوده من بين الفلاحين المصريين. فقد أمر مديرى المديريات بأن يقدم كل منهم نصيبًا من المجندين واستخدمت أول الأمر فصائل من الجند للم المجندين بالقوة، ثم بذلت محاولة للعدول عن هذه الطريقة العنيفة إلى التجنيد بالقرعة، ولكن لا القوة ولا الإقناع استطاعا أن يتغلبا على كراهية