منتظمة كما كانت في مصر وفى الإمبراطورية العثمانية ذلك أن فارس قد انجذبت إلى السياسة الأوربية في عصر نابليون، وقد حاولت كل من بريطانيا وفرنسا أن تنفرد بالحصول على النفوذ في هذه البلاد، فأرسل الفرنسيون بعثة لتدريب الجنود الفرس سنة ١٨٠٧ - ١٨٠٨, كما فعلت ذلك بريطانيا سنة ١٨١٠, ثم حدث بعد ذلك أن حاولت سلسلة من الضباط الأجانب، روس وفرنسيين وإيطاليين، أن يدخلوا التدريب الأوربى والأساليب الفنية الأوربية في البلاد، على أن أثرهم في هذا الشأن لم يكن عميقا ولا باقيًا. وفى سنة ١٨٤٢ أدخلت في فارس طريقة معدلة للتجنيد فقد مسحت الأرض المزروعة وقسمت وحدات، وفرض على كل وحدة (وهى القدر من الأرض الذي يمكن حرثه بمحراث واحد) أن تقدم جنديًا واحدًا ونصيبا من المال يصرف بعضه في تدبير معاش المجند وبعضه يذهب إلى الحكومة لمواجهة نفقات الجنود وقسمت بلاد فارس إلى منطقة نفوذ بريطانية ومنطقة نفوذ روسية وفقًا للاتفاق البريطانى الروسى الذي أبرم سنة ١٩٠٧، ووقعت أحداث الحرب العالمية الأولى، فحال ذلك دون أن تتمكن الحكومة الفارسية من أن تمارس إشرافًا فعالا على القوات المسلحة وظل الحال على ذلك حتى وقع الانقلاب سنة ١٩٢١ فتمكن رضا شاه الذي أصبح وقتذاك قائدًا عامًا للجيش أن ينظم الجيش الفارسى على النمط الأوربى. وقد صدر عام ١٩٢٥ قانون للتجنيد فرض الخدمة العسكرية على جميع أهل فارس مدة سنتين، وأقام الشاه أيضا مدرسة حربية في طهران.
وكان لدى الدول العربية التي تخلفت عن هزيمة الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى وفى ظل حكم الانتداب، قوات متطوعة صغيرة نظمتها ودربتها حكومات الانتداب، وقد أدت طرائقها في التدريب والتنظيم إلى التأثير فيما مارسته هذه الدول بعد ذلك. ولما نالت الدول التي نحن بصددها استقلالها الكامل سارعت إلى الأخذ بنظام القرعة العسكرية التي تشمل جميع أهلها، ولم تكن إدارة هذه القرعة يسيرة في جميع الأحوال. وقد