الطوائف يتلقبون بالحاجب، وكانوا فى الواقع ملوكا مستقلين فى الأندلس؛ وفى عهد الحفصيين كان الحاجب يتولى وظيفة الناظر ووزارة الحرب. وكان هو الوالى الحقيقى باعتباره أكبر الموظفين؛ وفى عهد بنى زيّان كان المهيمن على شئون القصر ووزير المال؛ أما فى الممالك الشرقية (بلاد ما بين النهرين وسورية ومصر) فقد كان للحَجْب فى البلاد مركز يشابه مركز الأمين. وكان هذا اللقب يمنحه حتى لو خدم الوالى أميرًا لجيشه. وفى عهد المماليك كانت أعماله تخالف هذه تمام المخالفة، فقد عهد إلى أمير الحجاب أو حاجب الحجاب فى عهد بيبرس (٦٥٨ - ٦٧٦ هـ = ١٢٦٠ - ١٢٧٧ م) بفض المنازعات بين الأمراء والجند تخفيفًا لأعباء عامل السلطان فى القاهرة (الديار المصرية) وفى الأقاليم، وربما كان الغرض من ذلك الحد من نفوذه، فلما ألغى بعدئذ منصب والى السلطان فى القاهرة وضع الحاجب على رأس المجلس الإدارى الحربى فى عهد السلطان الناصر محمد وأولاده؛ وكان يتبادل المشورة مع السلطان فى المسائل العسيرة، وبمرور الزمن لم يقتصر الحاجب على إبداء الرأى فى المسائل الحربية بل أخذ يتعدى سلطته فيفتأت أيضا على المسائل المدنية التى كانت من اختصاص القاضى؛ والظاهر أن الطوائف التى يهمها الأمر قاومت ذلك باديء ذى بدء كما يصف المقريزى ذلك فى جلاء، ولكنهم رضوا عن الحجاب فى نهاية الأمر، ويضع القلقشندى الذى عاش فى عهد السلطان المؤيد شيخ (٨١٥ - ٨٢٤ هـ) الحاجب فى المرتبة الثامنة بين عمال الدولة. ويضعه صاحب ديوان الإنشاء الذى عاش فى عهد السلطان برسباى (٨٢٥ - ٨٤٢ هـ) فى المرتبة الثانية عشرة؛ ويضعه خليل الظاهرى الذى عاش فى عهد السلطان جقمق (٨٤٢ - ٨٥٧ هـ) (فى المرتبة السابعة، وهو يقول إن الحاجب الثانى "طبلخانه" أمير لأربعين مملوكًا وإن الحاجب الثالث أمير لعشرين مملوكًا أو عشرة؛ وكان هناك أيضًا عشرون حاجبًا رتبهم دون رتبة الأمير؛ ويقول القلقشندى إن رتبة الحاجب فى الأقاليم كانت الثالثة فى الترتيب فهو يلى الحاكم وقائد الكتيبة (الأتابك)؛ ويجعله خليل الظاهرى فى المرتبة الثالثة أيضًا إذ يضعه بعد