تلقى تعليمه من أبيه الذى كان قاضى قرطاجنة وكان اتجاه هذا التعليم إلى النحو، واللغة العربية، والحديث، والفقه المالكى وواصل دراسته فى مرسية ثم فى إشبيلية وغرناطة ووقع تحت تأثير الشَلَوبْين الذى ألهمه دراسة الفلسفة اليونانية مستعينًا بكتب الفلاسفة المكتوبة بالعربية وخاصة ابن سينا. وذهب إلى مراكش بعد وفاة أبيه سنة ٦٣٢ هـ (١٢٣٤ م) وهناك شارك فى النشاط الأدبى لحاشية الخليفة الموحدى الرشيد (٦٣٠ - ٦٤٠ هـ = ١٠٣٢ - ١٠٤٢ م)، ثم عبر إلى المغرب ليشغل منصب الكاتب فى ديوان أبى زكريا الأول الحفصى (٦٢٥ - ٦٤٧ هـ = ١٢٢٨ - ١٢٤٩ م) وكان علمه الوافر فى ميدان النحو والبلاغة ودرايته التى كانت أعمق من روايته (انظر ابن رشيد) قد أكسبته حجية بين معاصريه ومريديه ومنهم أبو حيان الأندلسى، وابن سعيد، وابن رُشَيْد، والتجانى وكثيرون غيرهم. وتوفى فى تونس فى الرابع والعشرين من رمضان سنة ٦٨٤ (٢٣ نوفمبر سنة ١٢٨٥).
وكان نشاط حازم القرطاجنى موجها إلى ثلاثة ميادين: كتاباته الشعرية التى حفظ بعضها فى مخطوط (وخاصة فى الإسكوريال، ٣٨٢، ٤٥٤) وفى الكتب المعاصرة له أو المتأخرة عنه (انظر المصادر) وتتناول الموضوعات المألوفة، وتكشف عن أثر المتنبى فيه، وهو أثر واضح كل الوضوح فى الأندلس. وهى تشمل بصفة خاصة مدائح فى سلاطين مراكش وتونس وأطولها (١٠٠٦ أبيات) وأشهرها أرجوزته المعروفة بالمقصورة والمهداة إلى المستنصر الحفصى (٦٤٧ - ٦٧٥ هـ) = ١٢٤٩ - ١٢٧٧ م): "ومن الموضوعات المألوفة التى تشمل الديار المهجورة وأوصاف الزوابع والإبل، أجل بين هذه التقاليد الطويلة تنطلق احيانًا شرارة الإبداع كما لاحظ غرسيا كومز، ومدْح الخليفة الحفصى، وانتصاراته وقصوره وجيوشه فيها بعد كثير عن الدقة، ولكن فيها قوة وعظمة؛ وقد اقترن التحسر الشاب على الأندلس السجين وفزعه إلى الخليفة الذى يستطيع وحده أن ينتزعه من براثن