رمضان سنة ٣٨٦ هـ (١٤ أكتوبر سنة ٩٩٦) , ونودى به "ولى العهد" سنة ٣٨٣ (٩٩٣ م). وكان الخليفة العزيز، وهو على فراش الموت، قد أوصى قاضيه الأكبر محمَّد بن النعمان وزعيم كُتامة الحسن بن عَمَّار بأن يناديا بابنه خليفة. ودخل الحاكم القاهرة فى اليوم الثانى لوفاة أبيه مرتديًا درّاعة من لون واحد وعمامة مزينة بأحجار كريمة وقد أمسك فى يده رمحًا وتمنطق بسيف وتقدم جثمان أبيه. وفى اليوم التالى ظهر يحف به الجلال أمام وجوه القوم فى إيوان القصر، وقد جلس على عرش من الذهب وحياه الحاضرون بلقب الإمام والحاكم بأمر الله.
وفى البداية الأولى لعهده أصرّ بربر كتامة الذين كانوا قوام أسرته، بأن يوكل أمر رئاسة الحكومة لزعيمهم الحسن بن عمار الذى اشتهر بانتصاراته على الروم (البوزنطيين) فى صقلية. وكان قد عين "واسطة" ولقب بلقب "أمين الدولة". وقد أظهر الحسن تحيزه للبربر فى الجيش على حساب العناصر الأخرى، وهى الترك والديلم والزنوج، وقتل وزير العزيز عيسى بن نَسْطورُس وتشاحن مع أتابك الخليفة الشاب المملوك الخصى بَرْجوان. وما كان من برجوان، وقد أثارت اهتمامه الخطة التى رسمها أنصار ابن عمَّار بوضع الخليفة فى قبضتهم، إلا أنَّه تحالف مع والى دمشق منكوتكين التركى. ولكن منكوتكين كان قد سار إلى مصر يصحبه حليفه البدوى مفَرِّج بن دَغْفَل بن الجرّاح وتخلى عنه برجوان وهزم قرب عسقلان على يد جنود ابن عمار بقيادة سليمان بن جعفر بن فلاح. على أن حكم ابن عمار لم يدم طويلًا، ذلك أن رجلا من أقوى البربر هو جيش بن صمصامة الذى كان قد طرد من ولايته على طرابلس، انضم إلى برجوان. وقامت ثورة على ابن عمار وهزم ففر مختفيًا، واستولى برجوان على مقاليد السلطة، وشغل منصب "الواسطة" فى آخر رمضان سنة ٣٨٧ (أول أكتوبر سنة ٩٩٧) وحمل الناس على البيعة للخليفة الشاب من جديد. وصدر العفو عن ابن عمار أول الأمر، ثمَّ اغتيل من بعد.