يناوحه وهو جبلى؛ أما فى تهامة؛ وتكاد تكون خالية من الزرع لعدم وجود وديان كبيرة فى هذا الجزء من جزيرة العرب، فإن منازلها على الساحل اللهم إلا مكة التى تدين بوجودها للأماكن المقدسة القائمة فيها مثل بئر زمزم. وليس فى ساحل الحجاز مرافئ جيدة بالنسبة لكثرة آكام المرجان المكتنفة له، وإنما تقوم عليه مراس أمينة على تفاوت فى ذلك، وكانت السفن الصغيرة تخلد إليها فى الأزمنة القديمة أكثر مما تفعل اليوم.
وأقفرت بعض هذه المراسى الآن مثل ليوككوم Leukekome - وقد تعَّرف عليها شبرنكر فقال إنها عين الحوراء - والجار بصفة خاصة، فقد ازدهرتا وأصبحتا مدينتين هامتين لنزول الحجيج فيهما. وسكان الحجاز قلة ومعاشهم بصفة عامة على السمك.
وثمت أراض خصبة فى المنطقة الجبلية المناوحة للساحل مثل ناحية المدينة البركانية وواحة الطائف الجميلة بصفة خاصة، وكانت الطائف منذ القدم مصيفًا محببًا إلى قلوب أعيان مكة لكثرة فاكهتها وطيب هوائها. أما التلال نفسها (جبل كرى شرقى مكة) فتبلغ فى الارتفاع ما بين ٦٠٠٠ و ٦٥٠٠ قدم. وأعلاها تلال الطائف (٦١٦٨ قدما) وجبل رَضْوى غربى المدينة (٥٩٠٠ قدم). ولا تغل هذه المناطق شيئًا له قيمة اللهم إلا البلح. ولو لم يلجأ السكان إلى استيراد ما يكفيهم من أوربا ومصر والهند لما قامت هذه البلاد بأودهم، أما صادراتها فليست بذات غناء.
وترجع قيمة الحجاز الحقيقية إلى البلدين المقدسين مكة والمدينة. ولهما مكانة خاصة فى العالم الإسلامى، وسنتناول هذه المكانة فى مواد خاصة. وقد ذكر جغرافيو العرب بلادًا أخرى فيها خلا المدن الساحلية والطائف التى ذكرناها آنفًا وهى: قَرْح، وخَيْبَر والمَرْوَة، والحوراء، والسُقْيا، والعويند، والجُحْفة، والعشيرة، ثمَّ ذكروا بلادًا أقل أهمية من هذه مثل بدر وخُلَيْص، وأمَج، والحِجْر والسُوَارْقية، والفُرع، والسيرة وجبلة ومهايع وحاذة. وثمت