العَظَّم، ومدائن صالح، والعلا، وهدية والمدينة. وكان يفصل بين المحطات فى العادة حوالى عشرين كيلو مترا وكانت تستخدم قلاعا للحراسة، لحماية الخط الحديدى من غارات البدو المتصلة. وقد بلغت الغارات سنة ١٩٠٨ مائة وثمان وعشرين غارة. وكان البدو يقطعون أسلاك البرق ويخرجون القضبان ويتلفون مبانى المحطات. فقد كانت السكة الحديدية "ذلك الشئ الفرنجى النجس" كما كانوا يسمونه، تهدد مصالحهم التقليدية فى نقل الحجاج الذى كان مشتركا فيه الشريف الأكبر ووالى الحجاز (التقارير القنصلية). وقد أوقف امتداد السكة الحديدية عداوتهم المشتركة وثورة تركيا الفتاة والحرب بين الأتراك والطليان، ولم يستطع تنفيذ خطة مد السكة الحديدية إلى مكة، وركنت على الرف للأسباب نفسها الخطة التى كانت ترمى إلى مد خط بين جدة ومكة والذى تم مسحه سنة ١٩١١.
وسكة حديد الحجاز "قد خيبت الآمال السياسية للذين خططوا لها". فقد كانت أبعد ما تكون عن أن تصبح "العمود الفقرى للأملاك العثمانية فى جزيرة العرب" وإنما حددت أقصى تخمها الشرقى. وكانت هذه السكة باهظة التكاليف فى إنشائها وعسيرة فى المحافظة عليها، ومن ثمَّ يصعب علينا أن نقول إنها أسهمت فى النهوض الاقتصادى بشبه الجزيرة أو فى زيادة السكان على مجراها أية زيادة ذات شأن (Arabia: Foreign Office Handbook, لندن سنة ١٩٢٠، ص ٢٦). على أنَّه ثبت أنها أصبحت نعمة عظيمة على حيفا وتطورها، ذلك أن حيفا كانت قبل إنشاء خط درعة حيفا، ميناء صغيرًا أخملته منافسة يافا. وبافتتاح هذا الخط نمت حيفا نموا مطردا، وحولت عن بيروت تصدير حبوب حوران وتجارة الوارد على دمشق وجزيرة العرب. وقد بلغت جملة صادرات حيفا سنة ١٩٠٧: ٢٧٠,٠٠٠ جنيه إنكليزى، وفى سنة ١٩١٢ زاد هذا المبلغ إلى ٣٤٠,٠٠٠ جنيه إنكليزى؛ وبلغت جملة واردات حيفا سنة ١٩٠٧، ويستثنى من ذلك أدوات السكة الحديدية: ٢٤٠,٠٠٠