قصائده قد أبقى على نزعة لمسناها من قبل فى أشعار ساعدة بن جُؤَيَّة وهو شاعر هذلى أكبر منه كان أبو ذؤيب راوية له. وكلا الشاعرين يشتركان فى وصف عسل الأبكار من النخل وجامعه وما يخامرهما من متعة الوصف الوثيق الدقيق للنحل وعمل الجامع للعسل، وهو موضوع ليس شائعا حقا بين الشعراء الهذليين الآخرين. وكذلك نجد التناول الخاص لتراكم السحاب وهطول المطر الذى يعقبه من خصائص ساعدة وراويه أيضا.
ونتبين بوضوح فيما نظمه أبو الهذيل من شعر فى الحب تنويها بذلك الشئ الذى نما حتى أصبح أسلوبا لمدرسة المدينة. وثمة سمة أخرى بدا أنها ترهص بالتطورات المستقبلية، ألا وهى الطريقة التى جنح بها أبو ذؤيب إلى الإفاضة فى النسيب حتى يشمل القصيدة كلها (انظر القصيدتين رقم ٢، رقم ١١، حيث نجد الموضوعات الأخرى قد انطوت حقا فى ثنايا النسيب).
وقد كلف أبو ذؤيب، كأستاذه ساعدة، بوصف الأسلحة ومشاهد الصيد، وتفوق فى ذلك، ولكنه كان قصير الباع فى وصف الخيل، وهو أمر لاحظه الأصمعى من قبل.
ونصف شعره تقريبا الذى بقى لنا يدخل فى باب المراثى، التى يخلق فيها، ما يلازم عقدته النفسية حيال تقلبات القدر من حزن رقيق، الجو العاطفى المناسب. وتفصح رائعته التى يرثى فيها بنيه الخمسة (القصيدة رقم ١) عن وحدة فى الخاطر والفكرة لا يساميها شعر آخر من الشعر القديم، فقد ذكر فى هذه القصيدة موضوع القدر الذى لا مهرب منه وربط هذا الموضوع بالمناسبة التى قيلت فيها القصيدة ثم مثل ذلك بمشاهد ثلاثة تعصر القلوب، ثم أجمل الموضوع مرة أخرى فى البيت الأخير من القصيدة.