للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مصطلحَيْن". ويستطيع المرء أن يقول إن الحجة في هذا المقام ينظر إليها على وجه الدقة بأنها الحجة الجدلية.

الغزالي: إن مفردات الغزالي كثيرا ما تكون كما هو شأنها ملتقى مفردات الفلسفة وعلم الكلام وهو يستعمل على القريحة كلمة "دليل" و"أدلة" بمعنى قريب جدًا من المعنى الذي يستعمله فيها ابن سينا. فقد ذكر بخاصة في أوائل كتاب المنقذ من الضلال أن الدليل (أى التدليل) يفترض الرجوع إلى المبادئ الأولى. على أننا نجد الغزالي الذي عرف رأيه الشخصى (فضلا عن تأثره بالجوينى) وشكه في الاعتماد على الدليل دون سواه، يقول "بتكافؤ الأدلة" وهو أمر يحدث بنور داخلى من طراز آخر. والحق أننا نجد أكثر من هذا أن الغزالي يترك للدليل معناه الأول وهو الشئ الهادي إلى الحقيقة الصريحة والغزالي وهو الذى قدر له أن ينعت "بحجة الإِسلام"، يستعمل الدليل على اليقين أكثر مما يستعمل الحجة للدلالة على البرهان العقلى.

على أنَّه يستعمل الحجة بمعناها العام وهو "الحجة المقنعة"، وهي تقتضى، أو يجب أن تقتضى - القبول. ثمَّ هو آخر الأمر يستعمل هذا المصطلح بمعنى أدخل في الإصطلاح حين يبسط نظريته معتمدًا على المنطق الصوري، فيردد كلمة بكلمة تقريبًا تعريفات وتفريقات مدخل الشفاء، وهي أن الحجة التي تستعمل للدلالة على أية محاجة على أنواع ثلاثة: القياس والاستقراء والتمثيل (معيار العلم، القاهرة سنة ١٣٤٦ هـ = ١٩٢٧ م، ص ٨٦؛ وانظر أيضًا La notion: Farid Jabre de Certitude selon Ghazali، باريس سنة ١٩٥٨، الفهرس، مادتى دليل وحجة).

وفي منهج الفلسفة والكلام تتخذ كلمة حجة معانى مختلفة اختلافًا غير هين، فأحيانًا تطابق - أو تكاد - كلمة "دليل" وأحيانًا تتميز عن هذه الكلمة؛ وهي طورا توحى بالمحاجة والقياس (والاستنباط) ذى الثلاثة حدود وذى الحدين، وطورًا المحاجة الجدلية التي