الشهور الأخيرة من العام السادس للهجرة بعد أن قضى على العشائر اليهودية وأذل المنافقين فى المدينة، ومن ثم رأى أن الوقت قد حان لفتح مكة ردًا على حصار الخندق، وهو الحصار الذى حاولته قريش، وقد اتخذ النبى [- صلى الله عليه وسلم -] كل الأهبة لهذا الفتح بفضل السياسة التى التزمها، ولم يحد عنها، بتركيز الاهتمام على مكة أم البلاد، وقد أوحى له بتغيير القبلة وفرض الحج. ويبدو أن النبى [- صلى الله عليه وسلم -] فكر أول الأمر فى القيام بغزوة عسكرية.
فقد كان المفروض أن يسير فى عدد يتفاوت بين ١٤٠٠ و ١٦٠٠ من الرجال المسلمين ولكنه عدل خطته وأعلن أنه انتوى العمرة. وكان المقدر أن يدخل مكة، أو أن يجبر قريشًا على مفاوضته، وكان جنده من القوة بحيث يكسب احترام المكيين، ولكن القرشيين لم يخاطروا وأخذوا الحذر فاحتلوا مشارف مكة، ودخل [- صلى الله عليه وسلم -] فى مفاوضات معهم واقتصر فى مطالبه على طلب واحد هو أن يسمح له ولصحبه بزيارة الكعبة، ولكن هذا الطلب رفض اول الأمر وتلت ذلك مفاوضات طويلة شاقة، ولم يتح لعمر أن يسفر لمكة لمفاوضة قريش، فاختير. عثمان لهذا الغرض فقد كان له فى جاه أسرته بنى أمية أصحاب النفوذ حمى ومنعة، فلما أرجف بموته جمع محمد [- صلى الله عليه وسلم -] صحبه تحت شجرة الحديبية وطلب إليهم مبايعته، وهى البيعة التى يطلق عليها بيعة الحديبية وتسمى أيضًا "بيعة الشجرة" أو "بيعة الرضوان"(وهى إشارة للآية ١٨ من سورة الفتح) التى تواتر انها تشير إلى هذه الحوادث (٢). وقد أطلق لقب "شجرى" فى تاريخ الإسلام على كل من اشترك فى المبايعة نسبة إلى الشجرة التى بويع النبى [- صلى الله عليه وسلم -] تحتها (٣)؛ وبعد بضعة أيام وصل سفراء من مكة، وقد بحث العهد الذى كان مزمعًا إبرامه حكمًا حكمًا وكلمة كلمة، وقطع على نفسه العهد بأنه يرد على قريش من يأتيه منهم ولكن المكيين لم يتعهدوا برد المسلمين، أما العمرة فقد سمح