جماعى أى "فرض كفاية" تلزم المجتمع بأسره. ولما كانت حالة الحرب الدائمة قائمة بين الدولة الإسلامية (دار الإسلام) وبين الدول الأخرى (دار الحرب) فإن المسلمين يظلون دائما فى حالة عداوة مع غير المسلمين. ولكن فى القيام بفرض الكفاية، أى فرض الجماعة فى حالة الحرب، فإنه لا يكون المسلمون جميعا هم الذين يجب عليهم القتال وإنما القليلون منهم الذين يدعون إلى القيام بهذا الفرض نيابة عن الجماعة. وإذا لم يقم أى فرد إطلاقا بهذا الفرض فقد حقت العقوبة على الجماعة بأسرها. وفى حالة قيام خطر غارة مفاجئة تهدد الإسلام فإنه فى هذه الحالة دون سواها يكون أداء هذا الواجب فرضا على الجميع، بما فيهم النساء والأطفال الأرقاء.
والحرب، من حيث هى فرض كفاية أى فرض جماعى، وسيلة تتوسل بها الدولة. ومن ثم فإن "الإمام" دون سواه (أو نوابه فى الولايات) هو المكلف بواجب القيام على الحرب. وتحقيق شرعية الحرب لا يقتضى إعلانها على يد الإمام فحسب، بل يقتضى أيضا بأن يكون هو مسئولا عن دعوة المؤمنين إلى القتال. ولما كانت حالة الحرب قائمة دائما بحسب الشرع من حيث النظر (إلا إذا كانت معاهدة سلام لا تزال ملزمة) فإن إعلان الحرب على يد الإمام إنما كانت تعنى أن الظروف التى تهيئ للمؤمن أن يؤدى واجب القتال قد قامت. وكانت دعوة المؤمنين إلى القتال لا تتجاوز أن يدعى إلى القيام بواجب القتال أولئك الذين حق عليهم امتشاق الحسام.
ولا يكون المضى فى الحرب شرعيًا إلا إذا سبقته دعوة إلى العدو بالدخول فى الإسلام. ولما كان معنى الحرب، من حيث النظر، قيام منازعة بين الإيمان بالله ورسوله وبين الكفر، فإن الكفار كان يعرض عليهم أولا الإسلام قبل أن ينشب القتال. أما الكتابيون فقد خيّروا بين الإسلام والخضوع لحكم الإسلام وأداء الجزية والقتال. وكانت الدعوة إلى الإسلام توجه أولا إلى العدو؛ ولا يصبح القتال شرعيا إلا إذا رفض الإسلام. وهذه القاعدة قائمة على ما جاء فى القرآن " ..... وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" (سورة الإسراء،