ضيق، وكذلك القتال الذى يدور فى البطائح مثل بطيحة العراق. وهذا من الأسباب التى امتزج فيها بالخيالة الترك فى السنوات الأخيرة التى استقلت الخلافة فيها بأمر نفسها، مقاتلون من الديلم وهم سكان الجبال الذين يحاربون على أقدامهم. وقد يحدث أنه إذا عجز كل جيش من الجيشين المتقاتلين أن يقاتل فى أرض الآخر فإن الجيشين كلاهما لا يستطيعان أن ينتصرا أو تحل بهما الهزيمة. مثال ذلك أن مشاة الموحدين الأولين عجزوا عن مهاجمة الخيالة المرابطين فى السهل، ولكنهم كذلك لم تتيسر مهاجمتهم وهم يلوذون بجبالهم. وقد رّوع الفيلة فى الشرق من العالم الإسلامى جياد أى عدو لم يكن له عهد بها.
ونحن لم نتناول هنا الحرب البحرية ولكننا يجب أن ننوه بالدور الذى كانت تستطيع البحرية أن تلعبه فى نقل جنود البر عبر مضايق جبل طارق مثلا، أو من مصر إلى الثغور الشآمية التى كان الصليبيون يهاجمونها من البر.
أما على الحدود، فقد كان الغزاة والمرابطون لا يدهمون العدو بمعارك بل بغارات مفاجئة (كانوا يتأخرون فى طريق عودتهم بسبب الغنيمة التى كانت تشتمل على كثير من الدواب) تقابل بغارات مثلها، على أن ذلك لا يستثنى منه عدة صور من العلاقات السلمية بين سكان الثغور (أى الحدود) فى الفترات الواقعة بين غارة وأخرى كما جاء فى وصف قصص الفروسية العربية واليونانية (ديجنيس أكريتاس؛ وذو الهمة وسيد بطّال إلخ)، وقصص أتراك الأوج، وأتباع الغزاة العرب والأكريتاى البوزنطيين أدخل فى الحرب بلا جدال.
وتثير انتصارات المغول المدوية مسألة: هل كانوا يتفوقون تفوقا فنيا واضحا على أعدائهم؟ وهذه الحالة لم تدرس دراسة كافية، ولكن يبدو أن الأمر لم يكن كذلك فالظاهر أن انتصاراتهم كانت ترجع إلى النظام، وإلى سرعة تحركاتهم وفنهم فى إخفائها، وتفوق نظام الجاسوسية والمخابرات عندهم، واستخدامهم المزدوج على نطاق واسع لآلات الحصار التقليدية التى كان ينقلها