ميراث الجندى القتيل: وكان موت جندى أثناء حملة من الحملات كثيرًا ما ينتهى بتعقيدات خطيرة. ومن أكبر العقبات فى هذا السبيل الحصول على شهادة موثوق بها عن وصية القتيل قبل موته. ولم تكن شهادة زملائه الجنود تعد كافية. ثم إن مال المتوفى كان خليقًا بأن يتبدد فى الوقت نفسه. وأراد السلطان بيبرس الأول أن يؤمّن مصالح ورثة القتيل الشرعيين فأصدر مرسومًا فى شعبان سنة ٦٦٣ (مايو سنة ١٢٦٥) بموافقة قاضى القضاة يقضى بأن يقيم كل قائد فى الميدان عددًا من الأشخاص ذوى الاستقامة والإخلاص يخولون الحق فى التثبت من وصية الجندى القتيل الأخيرة، وقد قوبل هذا المرسوم بالترحاب من الجيش، وكذلك أصدر بيبرس الأول، قبل ذلك، مرسومًا آخر يؤمن مصالح يتامى الجندى القتيل. والظاهر أن هذا المرسوم لم يكن مقصورًا على الجنود المشتركين فى حملة من الحملات (السلوك، جـ ١ ص ٥١٢، س ١ - ٧؛ ص ٥٣٦، س ١٠ - ١٨؛ الخطط، جـ ٢، ص ٢٠٦، س ١١ - ١٦، ١٩ - ٢٣).
عودة الجيش الظافر إلى قصبة البلاد: كان إعلان الانتصار فى قصبة البلاد يقترن بعزف الفرق الموسيقية عامة وقرع الطبول خاصة فى حلقة القاهرة وعلى أبواب دور أمراء الألف. وكان هذا الأسلوب فى إعلان الانتصار يسمى "دقّة البشائر" (أو "الكوسات"). وكانت الطبول فى بعض الأحيان لا تكف عن القرع سبعة أيام سويًا، وتزين المدينة عدة أيام. وكانت هذه الزينة تشمل عادة إقامة "قلاع" من الخشب فى الطرقات، وإعادة طلاء أبواب القصبة ورسم "الرنوك"(والمفردرَنْك") عليها. وقد جرت الحال بأن يسير الجيش العائد فيشق القاهرة فى موكب ضخم. وكان هذا الموكب يضم الأسرى مصفدين، ورؤوسًا مقطوعة، وأعلامًا ممزقة أو مكسورة أو معكوسة، وطبولا مشقوقة أو مقلوبة فى بعض الأحيان. ويتلقى القائد الأكبر للتجريدة الخلع وغيرها من العطايا.
مسلك الجيش المملوكى فى الهزيمة: وسلوك الجيش فى حالة