للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ص ٦١، س ٢، ص ٨٠، س ١ - ٥؛ ابن الدوادارى، جـ ٩، ص ١٧ - ١٨، ٣٧ - ٤٠).

وفى المعركة مع تيمورلنك التى وقعت فى جمادى الأولى سنة ٨٠٣ (يناير سنة ١٤٠١) لم تكن هزيمة المماليك شديدة، ولذلك تم تقهقرهم فى غاية من النظام فى أول الأمر، على أنه ما إن علم الأمراء برحيل السلطان فرج حتى رحلوا هم الآخرون وبلغ كل منهم مصر يصحبه ما لا يزيد على مملوك أو مملوكين (النجوم الزاهرة، جـ ٦، ص ٦١، س ١٤ - ١٧).

وثمة شاهد عظيم الدلالة على اضمحلال النظام فى جيش المماليك فى مستهل القرن التاسع الهجرى (الخامس عشر الميلادى) تجلى من موقفه بعد أن رفع السلطان برسباى الحصار عن قلعة آمد سنة ٨٣٦ هـ (١٤٣٣ م). ذلك أن برسباى عجز عن الاستيلاء عليها فاستقر عزمه على أن يعقد معاهدة مع حاميها قَرَايُلك ثم يعود إلى مصر. وظل الجيش المحاصر لها أثناء الحصار الطويل، ولم يخسر إلا قليلا، ولم يكن هناك، بطبيعة الحال، أى مجال لنزول أية هزيمة به. على أنه ما إن انتشر فى معسكر الجيش خبر عقد معاهدة، حتى لم يكلف الجيش نفسه عناء انتظار الأمر بالانسحاب، بل ولى ظهره للقلعة وبدأ يعود جافلا إلى مصر لا يلوى على شئ. وفى فراره المضطرب هذا كان كل يسير على هواه، وسرعان ما تفكك الجيش الضخم فغدا جماعات صغيرة اندفعت إلى مصر من طرق مختلفة، لا تعلم الجماعة من الجيش بأمر الجماعة الأخرى؛ وفر الأمراء فى اتجاه واحد، على حين فر مماليكهم هم "وطلباتهم" فى اتجاه آخر. وترك السلطان نفسه فى نفر من أتباعه وتعرض أثناء الليل بأسره للخطر الداهم. ويرى المؤرخ المعاصر أن قرايلك كان يستطيع أن ينزل بالجيش خسائر فادحة فى تقهقره لو كان عنده الشجاعة الكافية لمطاردته (النجوم الزاهرة، جـ ٦، ص ٢٠٦ - ٢٠٩).

ونجد فى الهزائم المتعددة التى منى بها جيش المماليك فيما بعد ذلك من أوقات أن تقهقره فيها كان يتسم بالفوضى الشاملة، فيعود الجنود إلى الوطن جوعى يسيرون حفاة بلا نعال.