أوتار أقواسهم (ابن الأثير، جـ ٨، ص ٢٥٤ - ٢٥٥). وكان سلب الأرياف على يد الجيش المار بها عادة متأصلة فى بلاد فارس (انظر L'Iran sous les Sas-: Christensen sanides -: الطبعة الثانية، ص ٢١٣، عن الحركات الحربية للجنود الساسانيين فى الأرض ذات الحر اللافح). وقد اكتسب بعض الجنود والقواد بصفة خاصة صيتًا قبيحًا لإمعانهم فى نهب السكان المدنيين واشتطاطهم فى ذلك مثل ديلم مرداويج بن زيار (المسعودى: مروج الذهب، جـ ٩، ص ٢٢ - ٢٤) وتركمان خوارزمشاه علاء الدين محمد (وكثير منهم كانوا قد أقبلوا لتوهم من فيافى القفجاق وكانوا بعد على الوثنية). وقد قطع قائد غزنوى فى خراسان جميع أشجار الفستق فى واحة بيهق وبعث ببعض جذوع هذه الأشجار لغزنة ليوقدوا بها (تاريخ بيهق، ص ٢٧٣). واشتهر قواد آخرون بسمعة حسنة فى النظام الذى فرضوه على جنودهم فى مسيرهم مثل يعقوب ابن الليث (مروج الذهب، جـ ٨، ص ٤٦ وما بعدها). قد اعترف بأن المسلك العنيف كان من حيث الأخلاق لا يمكن الدفاع عنه كما كان ينافى ما أمرت به الشريعة، ولكنه كان فى بعض الأحيان يلتمس له العذر حين تقتضيه الضرورة (انظر العذر الذى أبداه سليمان بن قتلمش لتخريبه إقليم حلب سنة ٤٧٧ هـ = ١٠٨٤ - ١٠٨٥ م، فى ابن الأثير، جـ ١٠، ص ٩٠). وقد حدث مرارًا، أن السكان المدنيين لإقليم بأسره كانوا يسحبون منه فى حالة جيش متقدم كما فعل علاء الدين محمد فى وادى سيحون عندما كان المغول يقتربون (انظر المصدر نفسه، جـ ١٢، ص ١٧٩).
وكان قائد الجيش المتقدم لا مناص له من أن يضع خطته مدخلا فى حسابه اعتبارات من قبيل توفر المؤن، وتدعيم مواصلاته، وطبيعة الأرض، والظروف الطبيعية التى قد يواجهها حين يخوض المعركة. وكثيرًا ما كان فى الإمكان ببلاد فيها منشآت مائية كفارس، أن تحول الأنهار وقنوات الرى بحيث تغمر الأرض فى وجه عدو يقترب، مثال ذلك