علاء الدين محمد يحاول بكل الوسائل الممكنة أن يتجنب الاشتباك فى مثل هذه المعركة مجبرا المغول على الاستيلاء على ريف ما وراء النهر، وبذلك تعزل بخارى وسمرقند. وكانت خيالة المغول الخفيفة فى ميدان المعركة تركض قدما ممطرة عدوها بالسهام على حين يبدأ جناح أو جناحان فى تطويق أجناب الجيش المعادى أو مؤخرته. وكان الخيالة فى بعض الأحيان يترجلون حتى يستطيعوا أن يرموا بسهامهم فى إحكام وتركيز كما فعلت جنود غازان خان فى معركة سنة ٦٩٩ هـ (١٢٩٩ م) مع المماليك فى مجمع المروج قرب سَلَمْيَة فى الشام. ومع كل فإن المفاجأة كانت سمة كبرى فى استراتيجية المغول وتكتيكهم. وكانوا يؤثرون كل الإيثار الحيل التى من قبيل التظاهر بالانسحاب. وقد أثبتت هذه الخطة نجاحًا فى كثير من المناسبات المشهورة، وكان المغول أيضًا يطاردون الفارين بلا رحمة ولا شفقة، ليحولوا دون معاودة القوات المنهزمة جمع شتاتها ولما هزم المغول المماليك الهزيمة التى أسلفنا ذكرها ظهر المغول موغلين فى الجنوب حتى بيت المقدس وغزّة (Martin: الكتاب المذكور، ص ٥٩ - ٧٦).
وفى الميدان العسكرى كما فى غيره من الميادين، ترك المغول والتيمورية أثرًا باقيًا فى العالم الفارسى، وليس بعجيب إذن أن نجد الجيش الأوزبكى لشيبانى خان الذى كان بابر فى الأصل من بين صفوفه، ظل يتبع الطريقة المغولية فى التعبئة للمعركة مع الإبقاء على ما ورثه من مواقع فى المعركة، ووضع أكثر الجنود ثقة وأمانة فى طرفى الجناحين (بابر نامه، ترجمة Beveridge، ص ١٥٤ - ١٥٥). وكان جيش دولة الآق قويونلى التركمانية مقسما على النمط التركى المغولى أقسامًا ثلاثة هى القلب (عند المغول "منقلاى" أى الجبهة) وميسرة (صول) وميمنة (صاغ؛ انظر A Civil and military Review in: Minorsky ١٤٧٦ - ٨٨١ Fars in فى Bulletin of the School of Oriental Studies جـ ١٠، سنة ١٩٣٩ - ١٩٤٢، ص ١٥٤ وما بعدها).
فلما ظهر الصفويون برزت المدفعية والأسلحة النارية وأحدثت تغييرًا جوهريا فى فن الحرب.