للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جرس، أو حرف، بل يجوز لنا أن نسميه "حرف صحيح".

والحرف الحاصل فى هذا الصوت وهو يتحرك يجعله بطبيعة الحال "مجهورًا" ذلك أن غياب النفس فى النطق به أمر أساسى. على أن النطق بحرف "مهموس" إنما يعدل "النفس" عند مخرج الحرف. فهو يحصل بالنفس وفيه. وهنا تنشأ مسألة هى كيف ينتقل المرء من واحد إلى الآخر؟ لقد وجد العرب التعريفات التى أوردها سيبويه فى "الكتاب" (جـ ٢، ص ٤٥٣، س ٢١ - ٢٢، ص ٤٥٤، س ٢ - ٣) ومن جاءوا بعده، الجواب فى مبلغ قوة النطق: ففى النطق القوى (أشْبِعَ الاعتماد) يتوقف النفس أو يرد، فلا يكون للحرف أو فيه إلا "صوت"، ويكون الحرف حينئذ "مجهورًا؛ وفى النطق الضعيف (أضعف الاعتماد) يبقى الطريق طليقًا للنفس: جرى النفس معه" [أى الحرف]، ويكون الحرف فى هذه الحالة "مهموسًا".

ومن ثم فإن تقدير قوة النطق مهم جدًا، ذلك أنه بلا شك محور النظرية، علاوة على التباين الأساسى بين "الصوت" و"النفس". على أن نحويى العرب فى بناء منهجهم على هذا النحو استحدثوا العنصر الأضعف: ذلك أنه كيف يتسبب اختلاف فى قوة النطق وجود الصوت وحدة فى حالة ووجود النفس وحده فى حالة أخرى؟ لقد حاولنا فى موضع آخر (Examen، ص ٢٠٤ - ٤٠٥) أن نتبين الظواهر التى استطاعت أن تؤدى بأصحاب النظريات العرب الأولين إلى تقرير هذا الفرق المضلل. وإيما كان الأمر فإنه يجب أن نلاحظ من أية زاوية درسوا قوة النطق: أهى بإيقاف النفس أو بالسماح له بالجريان. إن وجهة نظرهم مختلفة كل الاختلاف من علم الصوتيات الحديث. ولذلك فليس فى استطاعتنا أن نلتمس فى نظرية العرب حججًا تقارع المذهب الحديث الخاص بالحروف الساكنة الصائنة حين نحاول أن نطبق هذا على الأصوات فى العربية.

وفى مبدأ الحروف، يجب أن نشير إلى الحالة الخاصة. بحروف ثلاثة تعرف باسم "الحروف المعتلة" (أو حروف العلة أو الاعتلال) وهى "الألف