ترد فى كل ما كتب عن أخلاق الجمهور ومناهضة البدع (مثل مدخل ابن الحاج) وفى كل ما كتب عن التجارة وأحكام المعاملات المالية. وسوف نقتصر هنا على ذكر تلك المصنفات التى تكون فيها الحسبة بمعناها الأول والآخر هى موضوعها الأساسى والأصولى. ويمكن تقسيمها إجمالا إلى فئتين، يتداخلان، على أية حال، إلى حد ما، وتتناول بعض المصنفات بأسلوب عام مضمون فضيلة الحسبة، وما يترتب عليها من التزامات على المحتسب، والوجوه الدينية والشرعية التى تقترن بوظيفته؛ وتتصدى المؤلفات الأخرى فى جوهرها لتنوير المحتسب فى التفاصيل العملية والفنية فى الإشراف الذى يجب أن يباشره؛ ولما كان هذا الاشراف يطبق أولا على حرف ومهن مختلفة، فإن هذه المصنفات دليل عملى للإشراف الإدارى على المهن. وسنحاول أن نقدم ثبتًا مفصلًا بهذه المؤلفات الأخرى، فى حين يكفى أن نذكر بصفة عامة المصنفات التى تحدثنا عنها أولا.
والمصنفات التى تتضمّن دراسة عامة للحسبة متعددة حقًا، ولكن مما يجدر ذكره أنها لم تظهر أولا إلا فى القرن الخامس الهجرى (الحادى عشر الميلادى) أى بعد قرنين من ظهور الوظيفة. والمصنفان الرئيسيان هما الأحكام السلطانية للماوردى، الفصل العشرون (ويشير، على أية حال، إلى رسالة أقدم لمحتسب بغداد الشافعى فى مستهل القرن الرابع الهجرى الموافق العاشر الميلادى، وهو أبو سعيد الإصطخرى، وإن كان أحيانًا يدحض ما جاء بها) وإحياء علوم الدين للغزالى (جـ ٢ وص ٢٦٩ وما بعدها)، وهو يتناول فى الغالب الجانب الأخلاقى. ويجب أن نذكر من الكتّاب الآخرين المؤلف الأندلسى القديم ابن حزم (الفصل فى الملل والنحل، جـ ٤، ص ١٧١ وما بعدها)، ثم بعد ذلك: فى عهد المماليك، المؤلف الحنبلى ابن تيمية (الرسالة فى الحسبة، انظر H.Lanust - Essai sur Ibn Taymiyya, الفهرست)، والنويرى (نهاية الأرب، جـ ٤)، وابن جماعة، والسبكى (معيد النعم)، والقلقشندى، والمقريزى، الخ؛ وفى