الحصار على القاهرة، بيد أن الحسن أجبر على الانسحاب إذ استطاع جوهر أن يلتمس مخرجًا من الحصار كما ارتدت عن نصرته حليفتاه عقيل وطئ، فعاد إلى الأحساء، وظلت دمشق فى أيد القرامطة.
وبلغ المعز القاهرة سنة ٣٦٢ هـ (٩٧٣ م) وبعث برسالة الى الأعصم (انظر المقريزى: اتعاظ الحنفاء، ورقة ٢٥١) يلومه فيها على التخاذل فى نصرة قضية الفاطميين، فرد عليه الحسن ردا وقحًا غليظًا. وفى سنة ٣٦٣ هـ (٩٧٤ م) سار مرة أخرى لغزو مصر وضرب حصارًا على القاهرة. على أن حليفه الحسن بن الجراح خانه وهزمته الجنود الفاطمية يقودها ابن المعز الذى أصبح من بعد هو الخليفة العزيز، فعاد الأعصم إلى الأحساء.
وانضم القرامطة الذين ظلوا فى الشام الى ألبتكين التركى العامل البويهى ففر هذا الرجل من بغداد واستولى على دمشق. وبلغ جيش فاطمى يقوده جوهر ظاهر دمشق فى ذى القعدة سنة ٣٦٥ هـ (أغسطس سنة ٩٧٦ م) وهنالك استنجد ألبتكين هو وأهل دمشق بالأعصم، فخرج من الأحساء وبلغ دمشق وأجبر جوهرًا على الانسحاب فى جمادى الأولى سنة ٣٦٦ هـ (ديسمبر سنة ٩٧٦ م) وطارد الأعصم وألبتكين جوهرًا فاضطر هذا إلى هجر الرملة، وترك أيضا عسقلان فى ظروف مهينة.
وحدث بعد هذا أن العزيز الذى ظل خليفة منذ سنة ٣٦٥ هـ (٩٧٥ م) قد نزل الى الميدان بنفسه وأنزل بألبتكين والأعصم هزيمة منكرة فى الرملة، وكان هذان الاثنان قد عادا إليها. ولم يلبث أن أسر ألبتكين فى أثناء فراره، وبلغ الأعصم بحيرة طبرية، وهناك لقى رسولا من الخليفة وتم بينهما الصلح على أن يؤدى الأعصم للخليفة جزية سنوية قدرها ثلاثون ألف دينار دفعت مقدمًا عن السنة الجارية، وعاد الأعصم إلى الأحساء.
وهذه التفصيلات استقيت من رواية ابن القلانسى (ونقلها عنه ابن الأثير)، وهو يقول إن المعركة فى ظاهر الرملة وقعت فى المحرم من سنة ٣٦٧ هـ