للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يفقد حلمه قط، وكان كريمًا وتقيًا (يشهد بتقواه أنه كثيرًا ما حج ماشيًا على قدميه)، ولكن المعلومات التى بين أيدينا عنه تقف عند هذا، كما أن خلو المصادر عن أى مدح فى ذكائه أو مهارته أو إقدامه أمر يدعو إلى التساؤل. لقد كان الحسن شخصية تتألق بما انعكس عليها من نور انبعث من جده وأبويه.

الحسن فى رأى الشيعة: رأى الشيعة على اختلاف فرقهم ولم يزالوا يرون أن الحسن هو إمامهم الثانى. ولم يكفوا قط عن القول بأن أباه على قد استخلفه لإمامة المؤمنين. والمناقب التى ينسبونها إليه من حيث هو إمام هى المناقب نفسها التى ينسبونها الى الأئمة الآخرين من أهل البيت (واختلاف النسب يبدأ بإمام متأخر) ومن ثم فإن المسائل التى تتعلق بالعصمة وغير ذلك من الصفات لا تنصرف إلى شخصه.

وعلى هذا النحو فإن نزول الحسن عن الخلافة الذى انتقده أشد النقد كثير من أنصاره فى حياته، لم يؤد إلى إنكار موقفه من حيث هو إمام. وبرر سلوكه بالقول بأنه ينبعث من عزوفه شأن التقاة عن أمور الدنيا. وقد ملأت أقوال الشيعة الثغرة الناجمة عن افتقاره إلى الصفات الخارقة بروايات عن كراماته ومنها: أنه كان عند مولده يسبح الله ويتلو القرآن. وكان جبريل عليه السلام يهدهده فى مهده، وكان يحميه وأخاه ملك فى نومهما بعيدا عن منزلهما. وكان وهو بعد طفل ينادى نخلة فتوافيه كما يفعل الابن إذا ناداه أبوه. وكان يستخرج وهو طفل الشهد من الحصاة، ولا يظهر على النبى - صلى الله عليه وسلم - أى عجب من هذا. وجعل نخلة عتيقة تحمل ثمرا، ورفع الكعبة فى الهواء، وجعل بيوت المدينة تنتفض. وطار فى الهواء، واختفى ثم عاد بعد ثلاثة أيام. ونقل المكان الذى كان فيه هو وغير من المسلمين إلى مكة، حتى يروا الحجاج يؤدون العمرة ثم أعاده إلى مقامه الأول. وسأل الحسن الله أن يرسل إليه طعامًا يكفى سبعين صاحبًا من المسافرين فانفتحت أبواب السماء ونزل الملائكة حاملين كؤوسًا وأباريق وموائد مجهزة لا تكفى إطعام الأصحاب جميعا