للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أبى. وربما يكون الخليفة قد شك فى قيام تحالف عليه بين يوسف وحسين فأمر بإعدام حسين، أو لعل ابن الفرات قد تورط فى مؤامرة دبرت لنصرة قضية الشيعة التى كان ابن الفرات وحسين قد كرسا نفسيهما لها. والآراء فى هذه المسألة لا تعدو أن تكون فروضًا. ومهما يكن من شئ فإن الخليفة كان يخشى بلا شك أن يطلق سراح حسين فيعود إلى إشعال الفتنة مرة أخرى إما لرغبته فى الاستقلال بأمر نفسه وإما لإرضاء نزعته الشيعية. وأراد الخليفة أن يتحاشى محاولات أولئك (وكان عددهم كبيرا فيما يرجح) الذين يرغبون فى إطلاق سراحه بالقوة فآثر أن يتخذ قرارًا يوقف كل هذه المؤامرات.

وكان حسين بن حمدان أظهر قواد الخليفة لذلك العهد، ويفوق فى ذلك القائد الأعلى مؤنس أو أى قائد آخر من القواد. على شجاعته والخدمات التى أداها ببلائه البلاء الحسن فى عدة معارك لم تكف لتمحو من الذاكرة روح العصيان التى كانت تساوره فى الكثير من الأحيان فضلًا عن كبريائه وأطماعه. ومع ذلك فيظهر أن دوافعه فى انتقاضه وتمرده الكثير كانت شريفة خالية من الهوى. ويبدو أنه رأى أن من الضرورة أن ينصر ابن المعتز ليحدث تغييرًا مفيدًا فى إدارة الحكم وإصلاحه. وكان حسين مثل الكثيرين غيره الذين تعاطفوا مع الشيعة يطمح فى أن يشهد قيام حكومة إسلامية مثالية تسود، ذلك أن عددًا كبيرًا من الناس رأوا أن العباسيين لم يعودوا يمثلونهم وأنه من الممكن أن تقوم فى الحال أو المستقبل سلطة أسرة يكلل هامتها استشهاد الكثيرين من الشهداء وقد أوتيت هذه الأسرة من الفضائل الحقيقية أو الموهومة ما يوازن آثام العباسيين.

وثمة مزايا معينة يتصف بها حسين ابن حمدان تظهره فى ثوب الرجل الخارق للعادة. فبالإضافة إلى العزة التى اكتسبها من كرامة محتده العربى الذى ميزه على الموالى من جميع الأجناس وما عرف من مناقب أسرته