للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

روايات عن العباس الذى سقط بلا ريب قتيلًا فى كربلاء. ويربط المفيد (ص ٢٤٠) بين هذه الروايات والروايات الخاصة بالحسين، وهو يقول إن الأخوين شخصا قدما نحو النهر، وأن الأعداء قد التفوا بالعباس وأبعدوه عن الحسين وقاتل الرجل بشجاعة وقتل فى البقعة التى أقيم عليها قبره من بعد (المفيد، ص ٢٤٣).

وما إن حل هذا الوقت حتى كان جنود ابن زياد قد أطبقوا على الحسين، ولكن واحدًا منهم لم يجرؤ على أن يناله، وأخيرًا جرحه فى رأسه الكندى مالك بن النُّسَير وامتلأ برنسه بالدم فألقاه ثم دعا بقلنسوة فلبسها واعتم، وأخذ الكندى البرنس، ولم يجده البرنس شيئًا ولم يزل فقيرًا يلاحقه الشر حتى مات (الطبرى، ص ٣٥٩). وثمة مرحلة أخرى من مراحل المأساة تروى فى عبارة مؤثرة وهى مقتل صبى كان الحسين قد وضعه فى حجره (اليعقوبى، ص ٢٩٠، يعلل وجود الصبى فى حجر الحسين فى مثل هذه اللحظة غير المواتية بأنه كان قد ولد وشيكًا)، فرمى بنبل فأصاب عنقه، فتلقى الحسين دمه فلما ملأ كفيه صبه فى الأرض ودعا الله أن ينتقم من هؤلاء الظالمين (الطبرى، ص ٣٥٩).

واستمرت المذبحة، وأخيرًا كان شَمِر الذى لعنه الشيعة هو الذى تقدم فى جماعة من جنده نحو الحسين ولكنه لم يجسر بحال على ضربه، وإنما أعقب ذلك مشادة بين الرجلين (الطبرى، ص ٣٦٢) وهنالك خرج الحسين من جموده وبدأ يستعد للقتال (وحين نتدبر السبب فى عزوفه عن القتال يجب أن نذكر أنه كان قد أشرف على الرابعة والخمسين وأنه كان مريضًا) وقام إلى جنبه بشجاعة غلام، ولم يستمع هذا الغلام إلى ما صدر له من أمر بالعودة إلى الفسطاط ولم يستجب إلى نداء زينب له بالعودة أيضًا فأصابته ضربة سيف أطنَّت يده، وأفاء عليه الحسين عزاءه وقال إن الله سوف يلحقه بأبائه الصالحين فى الجنة. ولم يبق مع الحسين من أصحابه إلا ثلاثة أو أربعة. وهجم الحسين على العدو، وكان يلبس سراويل محكمة النسج من القماش