زكريا. وأن الله إذ يشاء له أن يهدأ، فإنه تعالى يقتل سبعين الفًا من المنافقين والكفار والأشرار وأنه فعل مثل ذلك مع يحيا.
أحكام فى الحسين: الناس فى أرجاء العالم الإسلامى يعطفون على الحسين ويوقرونه كل التوقير، وإنما أنصار الحركة الأموية هم الذين يقولون إنه "باغ بعد انعقاد البيعة". ومن ثم فهم يجيزون قتله على يد يزيد، ولكن رأيهم هذا لم يعارضه فحسب أولئك الذين يزدرون الحكم الأموى (أنظر صدى ذلك فى احتجاجات هؤلاء وإنكارهم لصحة بيعة يزيد فى: المقرم، ص ١٢ - ١٦؛ ومحسن الأمين، ص ٦٧) بل أولئك المسلمون أيضا الذين أبوا أن يعترفوا بأن القتلة قد تصرفوا بوحى من ضمائرهم والتمسوا فى الوقت نفسه المعاذير للإحجام عن لوم الحسين المنتقض على الخليفة أو الصحابة أو التابعين الذين وقفوا موقف الحياد خشية الفتنة (أنظر ابن خلدون: المقدمة، بولاق سنة ١٢٨٤ هـ، ص ١٧٧، ١٨١. فصل فى ولاية العهد) وحيال هذا الإكبار للحسين الذى كان يأخذ به المسلمون جميعا لقرابته للنبى [- صلى الله عليه وسلم -] ولاعتقادهم بأنه ضحى بنفسه فى سبيل مثل أعلى، فإنه ليس فى إمكاننا أن نفرق تفرقة واضحة بين آراء السنة وآراء الشيعة، إلا فى بعض الفضائل والمناقب التى ينسبها الشيعة له.
والراجح أن موقف أهل السنة المتعاطف كل التعاطف مع الحسين قد تأثر إلى حد كبير بالروايات المثيرة للشجن التى جمع معظمها أبو مخنف مباشرة أو بطريق إسناد قصير من الكوفيين الذين ندموا على مسلكهم من حفيد الرسول. وكانت هذه الروايات، التى انتشرت وهى مفعمة بمشاعر الكوفيين واصطبغت بصبغة مجموعة أبى مخنف المناصرة للعلوية مناصرة مشهودة، هى أساس روايات المؤرخين المتأخرين، وعن طريقهم ذاعت فى أرجاء العالم الإسلامى.
وليس بين أيدينا كتاب يتخذ مرشدا لآراء جميع فرق الشيعة فى الحسين، وحسبنا أن نذكر هنا الملاحظات الآتية: إن الحسين من حيث هو "إمام" يشارك غيره من الأئمة حقوقهم المختلفة (أنظر La religione: Bausani, ص ٣٤٦) وهذا