الخطط بل عجز أيضًا عن تقدير هذا المجرى، واضطر إلى عدم الاشتراك فى كثير من الأمور أو الإسهام بنصيب فيها اللهم إلا النقد من بعيد وما كان يتاح له بفضل ابنيه الناشطين عبد الله وفيصل من أثر ضئيل في هذه الأمور. وبقى في مكة، شخصية مسيطرة فيها، فصيح اللسان، سريع الغضب، يزداد بعده عن حقائق الأمور مع الأيام. ليس له وزن كبير في عالم عربى لم يعد يهتم به إلا اهتمامًا أقل مما كان يرجو. وانتهت الحرب العالمية سنة ١٩١٨ وظل هو يحلم بمملكة عربية متحدة يحكمها هو. على أن أحلامه سرعان ما بددها سير الحوادث في الشرق وموقف الحلفاء من أطماعه الواسعة. ولو أن هذه الحقائق لم تكن تغيب تمامًا عن فطنته. وكان احتلال الحلفاء لجميع سورية والعراق بحدودهما الجغرافية والتدابير الواردة في معاهدة سيكس بيكو المعقودة سنة ١٩١٦ تحول دون قيام حكم عربى فعال. وقد طبع البولشفيك هذه المعاهدة في نوفمبر سنة ١٩١٧ وأبلغ الحلفاء حسينًا بأحكامها العامة على الأقل في مايو من تلك السنة (The Amir ... ; Dawn. ص ١٣). وكان الحسين أعجز من أن يؤثر في هذه التطورات، ويؤثر في أعمال ابنيه نفسيهما، بل هو قد كان أكثر نأيًا عن كل ما أخبر به بإجراءات الصلح في فرساى، حيث لم تلق مطالب العرب إلا عناية قليلة. والحق أن حسينًا كان أعجز من أن يلعب أي دور في الأمور التى تدور خارج الحجاز منذ سنة ١٣٣٧ هـ (١٩١٨ م).
وقد أصبح سوء إدارته لمملكته حديث الناس، ذلك أنه عجز عن أن يبسط حكمه على أى جزء آخر من بلاد العرب، ورفض في غضب الانتدابات التى فرضت على الأقاليم العربية الشمالية، وأبى أن يصدق على معاهدة الصلح. وتشاحن مع مصر حول الاتفاقات المنظمة لفريضة الحج، وأخطر من هذا نزاعه لسلطان ابن سعود في أواسط الجزيرة العربية على القبائل والواحات واللاجئين. وكانت ثالثة الأسافى إدعاءه الخلافة وهو في زيارة لعمان سنة ١٣٤٣ هـ (١٩٢٤) في الوقت الذى ألغى فيه الأتراك هذا