وتذرعت الحكومة الفرنسية بوقوع غارات من قبل قبائل خرومر على الأراضى الجزائرية فقررت في ٤ ابريل سنة ١٨٨١ أن تنفذ حملة تأديبية إلى تونس بالرغم من احتجاجات تركية وسعى محمد الصادق إلى التصالح. وبلغت الجنود الفرنسية في ١٢ مايو سنة ١٨٨١ باردو واضطر محمد الصادق إلى إبرام معاهدة قصر سعيد نزل فيها عن السيادة الظاهرة لفرنسا وأجبر على أن يسلم بوجود وزير فرنسى مقيم. وبعد ذلك بسنتين فرض اتفاق المرسى (٨ يونية سنة ١٨٨٣) على علي بك (١٨٨٢ - ١٩٠٢) الحماية الكاملة. ورزح البايات محمد الهادى (١٩٠٢ - ١٩٠٦) ومحمد الناصر (الباى ناكور، ١٩٠٦ - ١٩٢٢) ومحمد الحبيب (١٩٢٢ - ١٩٢٩) تحت سلطان الإدارة الفرنسية التى دأبت على العدوان على حقوقهم، فأصبحت مناصبهم شرفية على تفاوت، ولو أن محمد الناصر قد أيد نشاط حزب الدستور الذى يسعى إلى إعطاء التونسيين نصيبا أكبر في الحياة السياسية للبلاد. وبعد سنة ١٩٣٤ كان حزب الدستور الجديد بزعامة بورقيبة هو الذى أمد المشاعر السياسية القوية في البلاد بزاد جديد، على حين كان الباى أحمد (١٩١٩ - ١٩٤٢) يتبع إرشادات المقيم العام.
على أنه حدث في الحرب العالمية الثانية أن استرد الباى منصف (١٩ يونية ١٩٤٢ - ١٣ مايو ١٩٤٣) بعض الهيبة التى كانت لأصحاب العرش التونسى إذ تزعم الحركة الوطنية التى كانت في ذلك الوقت محرومة من الزعماء الأخرين. وأظهر حكمه قصير الأمد أنه سلطان عالى الهمة جمع حوله أغلب الشعب وجعل الناس ينظرون إلى أسرته نظرتهم إلى ضمان للسيادة القومية وموئل لها. وأجبر الباى منصف على النزول عن العرش بعد أن فتحت تونس مرة أخرى على يد جيوش الحلفاء، وأقيم مقامه ابن عمه الأمين (١٣ مايو سنة ١٩٤٣ - ٢٥ يولية سنة ١٩٥٧) ولم يكن لهذا الباى ما كان لابن عمه من قدرة وهمة، وعادت المبادرة السياسية بعد الحرب إلى أيدى الحبيب بورقيبة وغيره من زعماء