للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قرون عدة، ولكنه لم يستخدم قبل القرن السادس الهجرى (الثانى عشر الميلادى) إلا في القليل النادر، وبلغ هذا الأسلوب في الحصار ذروة نجاحه في أواخر القرن السادس الهجرى (الثانى عشر الميلادى) وكذلك في القرن السابع الهجرى (الثالث عشر الميلادى) واستخدمه المسلمون بصفة خاصة وقد جرى تنفيذه على النحو الذى سنبينه بعد. يبدأ الأمر بحفر نفق تحت الأرض (نقب، والجمع نقوب، أو حفر سرب في القليل النادر، والجمع أسراب، وسروب) على مسافة معلومة قرب الحصن أو السور، ويستمر الحفر في هذا الاتجاه مع توسيع النفق أو السرب وتعميقه من تحت الحصن، وتقويته بدعامات من الخشب، ثم يملأ بعد ذلك بأغصان الأشجار والقش وبغير ذلك المواد القابلة للحريق وتشعل النار فيها فتحترق الدعامات الخشبية وجميع المواد الأخرى فينهار الحصن القائم فوق النفق.

وكان حفر الأنفاق بطبيعته وسيلة فعالة في الأساس لدك التحصينات القائمة فوق تربة لينة على تفاوت، ولكنها لم تكن كذلك بالنسبة للتحصينات القائمة على أساسات صخرية أو المحاطة بمياه عميقة (ومن شاء معرفة إحدى المحاولات المثيرة للتغلب على صلابة التربة، فلينظر أبو شامة، في. RHC. Hist Or جـ ٤، ص ٢٥٤ - ٢٥٥). والمزايا العظيمة لهذا الأسلوب أن عمال الأشغال العسكرية يكونون في مأمن من القذائف والنفط المشتعل التى يرميهم المدافعون بها، وكان البرج والدبابة معرضين لخطرها، كما ساعد في كثير من الحالات على أخذ الحامية المحصورة على غرة. ومن أفضل وسائل الدفاع التى كان المحاصرون يلجأون إليها القيام بحفر نفق مضاد، وكلما اقتربوا من خط العدو اكتشفوه فيواصلون الحفر فيه ثم ينقضون على النقَّابين فيقتلونهم أو يحملونهم على الفرار خشية الاختناق بالدخان ويدمرون ما عملوا.

وقد استخدم حفر الأنفاق في الشام أيام الحروب الصليبية أكثر مما استخدم في أوربا، ولجأ إليه المسلمون