المظهر من بيت نبيل شجاعا كريما يمتدحه معاصروه فيقولون إنه كان سباقا إلى كل مكرمة (ولو أنه كان أيضا أنانيا طموحا إلى حد التهور)، وكان يعيش مثالا للفروسية العربية التى عبر عنها فى شعره. والراجح أن هذه الفكرة التى ينطوى عليها القول الشائع الذى أطلقه ابن عبّاد "بدئ الشعر بملك (يعنى امرأ القيس) وختم بملك (يعنى أبا فراس) ".
وآثاره الأولى قصائد على النهج القديم انصرف بها إلى مدح نبل أسرته وحسن بلائه فى القتال (وخاصة رائيته التى من ٣٣٥ بيتا، وهى تروى تاريخ البيت الحمدانى) أو الإشادة بنفسه، وقطع غزلية قصيرة فى موضوع الحب أو الصداقة على النهج العراقى. والأولى مشهورة بصدقها واستقامة غرضها وجيشانها الطبيعى بالحياة إذا قيمست بما خصَّ به المتنبى منافسه الأكبر فى بلاط سيف الدولة من مجازات محكمة، والثانية معاتبات رشيقة متكلفة ليس فيها ابتكار. وجدير بالذكر أيضا قصائد أبى فراس الشيعية السافرة يسخر بها من العباسيين. والحق أن قصائده التى قالها فى محبسه المعروفة بالروميات هى التى تقوم عليها شهرته بشكل أخص. وفى هذه القصائد يعبر أبو فراس تعبيرا مؤثرا بليغا عن حنين الأسير إلى وطنه واصدقائه ويمتزج هذا التعبير بشئ غير قليل من مدح النفس ومعاتبة سيف الدولة على تأخره فى افتدائه وشكاوى مرة من إهمال شأنه.
وبعد وفاته جمع ديوانه وشرحه بالاعتماد على الشاعر نفسه فى الكثير شيخه وصديقه ابن خالويه المتوفى سنة ٣٧٠ هـ (٩٨٠ م). على أن مخطوطات الديوان يختلف بعضها عن بعض اختلافا كبيرا فى المتن وفى الترتيب مما يحملنا على القول بأن نسخا أخرى كانت بلا شك متداولة ومنها على الراجح نسخة البَبَّغَاء المتوفى سنة ٣٩٨ هـ (١٠٠٨ م، انظر التنوخى، المصادر). وجميع الطبعات القديمة المعيبة (بيروت سنة ١٨٧٣, ١٩٠٠، ١٩٠١ م) قد أبطلتها الطبعة النقدية التى