سطح بعض الأبراج وفى بعض مداخل الحمراء منصات منخفضة يوضع المدفع فوقها؛ وفى المغرب استفاد سلاطين بنى سعد في القرن العاشر الهجرى (السادس عشر الميلادى) من هذين نظامين، ذلك أنهم رأوا أن سور قصبة مراكش كان خليقًا بألا يهاجمه إلا قبائل ليست في حوزتها مدفع، ولذلك فإنهم اكتفوا بتوسيع الأبراج المستطيلة المكتنفة للجدار الساتر لإيواء مدفع هاون صغير في غرفة الدفاع بكل برج. أما في غيرها من المدن مثل حصن الزواية في تازه وفى الأبراج الشمالية والجنوبية بفاس فإنهم قلدوا (والفضل يرجع للمعلومات التي أمدهم بها المرتدون دون شك) الحصون الأوربية ذات الملاجئ المسقوفة المقبوة التي تطلق منها المدافع، والجدران السميكة المائلة من أعلى إلى الخلف والتى كانت على شكل النجمة في بعض الأحيان. واستخدمت ضروب التقليد للحصون الأوربية هذه في كل المناطق الساحلية بشمالى إفريقية، وفى المغرب، وفى الولايتين العثمانيتين حيث كان يخشى من غارات يشنها الأوربيون لاسترداد ما فقدوا أو الأخذ بالثأر. ولم يقصد بها شيء سوى أن تصمد للضرب بالقنابل من البحر وأن ترد عليه بالمثل وقد ارتفعت هذه العمائر بعض الشيء، ولم يستعمل قط التحصين المنخفض من طراز فوبان. وكانت خطوط الدفاع غاية في البساطة لا تعدو سورًا وخندقًا، ومنحدرًا ترابيًا هي بمثابة الجدار الخارجى للخندق. وعلاوة على هذه الحصون التي تتفاوت في حداثتها، فإن الطراز القديم للتحصين استمر أيام العصور الوسطى متبعًا بأبسط أشكاله، في بلاد البربر من أقصاها إلى أقصاها.
ومن ثم، ظل المغرب الإسلامى مخلصًا لتقليد الإمبراطورية الرومانية القديمة وبوزنطة. وكانت الإضافات الوحيدة لهذا التقليد هي إبداع أشكال جديدة ابتكرها الأندلس. فقد ظهر البرج الخارجى (البارانا) والمدخل ذو المنعطفات الكثيرة، والممر المكشوف في الأندلس. ولم تستطع المؤثرات الوافدة