صفر سنة ٦٦٩ هـ (سبتمبر - أكتوبر سنة ١٢٧٠ م) علم السلطان بوفاة القديس لويس، ولم يعد بذلك مهددًا من ناحية الغرب، فقاد حملة قوية على سورية، وظهر بيبرس أمام حصن الأكراد؛ وفى التاسع عشر من رجب سنة ٦٦٩ هـ (٣ مارس سنة ١٢٧١ م) احتل خطوط الدفاع المتقدمة، ودَكَّ السور الأمامى للحصن؛ ووصلت الإمدادات من حماة، فاستولى في اليوم الحادى والعشرين من هذا الشهر على أول حصن أمامى (باشورة)، وبعد عشرة أيام، أي في غرة شعبان (١٥ مارس) سقط الحصن الأمامى الثانى القائم عند منعطف المنحدر الموصل إلى حصن الأكراد. وأخيرًا حدث في الخامس عشر من شعبان (٢٩ مارس) أن استطاع السلطان دخول الرحبة الكبرى، وانسحب المدافعون المحَاصروُن إلى البرج المحصن. وشن بيبرس هجومه بالمجانيق. وفى الخامس والعشرين من شعبان (٨ ابريل) استسلم البرج المحصن، وسمح للفرسان بالتوجه إلى طرابلس آمنين. والرسالة المنحولة لحاكم طبقة الفرسان الأكبر يدعوهم فيها إلى الاستسلام، يقال إنها رسالة زورها بيبرس؛ ويبدو أنها أسطورة أشاعها النويرى. وقد تولى بيبرس نفسه الإشراف على الإصلاحات وغادر الحصن في الخامس عشر من رمضان (١٧ ابريل) بعد أن أقام صارم الدين قيماز حاكمًا عليه. وفى سنة ٦٨٠ هـ (١٢٨١ م)، أي بعد استيلاء قلاوون على طرابلس، كان حصن الأكراد، الذي يذكره العمرى على أنه حصن هام، قد فقد أهميته، ولكن تركت فيه حامية تصد عنه أي هجوم يأتى من أوربا أو من قبرص هدفه طرطوس أو طرابلس. ولما كانت المنطقة بعيدة عن طرق المواصلات الرئيسية، فإنها كانت بمنأى عن الهجوم، من ثم لم تصب بأذى من غزوة تيمور لنك سنة ٨٠٣ هـ (١٤٠١ م) يماثل ما لحقها من الفتح العثمانى بعد ذلك بأكثر من قرن.