وفى المذاهب الثلاثة التي تنهى مبكرًا جدًا حق الحضانة للأم وغيرها ممن تقع عليهم الحضانة (مذاهب الحنفية والشافعية والحنبلية) تنشأ مسألة هي: ما مصير القاصر حين يخرج عن عناية أمه. ويجب ألا نفسر هنا أن هذا الأمر ينصرف إلى الطفل الذي بلغ سن التعقل. ففي مذهب أبي حنيفة أن الطفل أو الطفلة في هذه الحالة يضم فرضًا إلى أبيه فإذا كان الأب متوفيًا أو غير أهل لذلك، فإنه يضم إلى قريب من الذكور تقع عليه ولاية الطفل بشرط في حالة البنت، هو أن يكون الولى قريبًا ومن المحارم، وبعبارة أخرى فإن الصبى البالغ السابعة والبنت البالغة التاسعة لا يوخذ رأيهما في الولى، ذلك أن المذهب الحنفى يرى أنهما أصغر من أن يستطيعا اتخاذ قرار في ذلك معقول.
والشافعية (المهذب، جـ ٢، ص ١٧١) والحنابلة (المغنى، جـ ٧، ص ٦١٤) يسمحون للصبى في السابعة أن يختار العيش مع أمه أو الانتقال إلى بيت أبيه. وهذا الاختيار يمنح للبنت إذا بلغت سن التاسعة، على أن هذا الإختيار إنما منحه لها مذهب الشافعي.
وعند البلوغ (حوالى سن الخامسة عشرة، انظر مادة "بالغ" (تمنح المذاهب كلها الغلام الحق في سكن منفصل عن سكن أبيه، أو منفصل عن سكن أمه إذا كان قد اختار أن يعيش معها وهو في السابعة، كما يسمح بذلك المذهب الشافعي والمذهب الحنبلى. على أنه من الممدوح أن يقيم مع والديه. أما البنت التي بلغت سن البلوغ فإن من العجيب أن المذهب الشافعي قد تسامح معها أعظم التسامح، ذلك أن فقهاء هذا المذهب لم يمنعوا أن يكون لها سكن منفصل وإن ذهبوا إلى أن هذا "مكروه" خلقيًا (المهذب، جـ ٢ ص ١٦٩). وفى المذاهب الأخرى فإن البلوغ لا يحرر البنت البكر من ولاية والديها. وقد رأينا أن المذهب المالكى يقضى بأن تظل في ولاية أمها حتى يتم زواجها. ويقف المذهبان الحنفى والحنبلى منها موقفًا كثير الشبه بهذا، فهما يقضيان بأن البنت البكر لا يمكن أن تغادر أبيها حين تبلغ لأنها تجهل الرجال ومكايدها. على أن