رجلا أو امرأة)، وهذا يوضح كيف أن الأخير يمكن أن يرفض حمل هذا العبء، فإن الحضانة هي فوق كل شيء وأول كل شيء حق الطفل وفى مصلحته تقررت ظروف الأهلية لهذه الوظيفة. ولما كانت مصلحة الطفل تحكم جميع حلول الفقه في هذه المسألة فإن المرأة الحاضنة (ومن أجل المرأة كثرت كثرة كاثرة ضمانات الفقه) يجب أن تكون بالغة عاقلة قادرة على العناية بالطفل في أمان، ومن ثم فإنها تحرم من الحضانة إذا كانت مشاغلها تبعدها عن البيت مدة طويلة في اليوم. ومن الضروري أيضًا ألا تكون "فاسقة" وألا يكون سكنها المعتاد مكانًا للفحش، مما يجعل الإضرار بالطفل أمرًا ثابتًا. وكذلك فإن المرض والعاهات تكون سببًا في منع الحضانة. وهذا معقول جدا لأن المرض والعاهات يحولان دون المرأة والعناية الواجبة بالطفل الصغير: وكانت الإماء، وقت أن كن موجودات، محرومات من الحضانة. وتكاد مبادئ المذاهب الأخرى في هذه المسائل لا تختلف عن المذهب الحنفى.
وثمة طائفتان من الظروف تعلق عليها آراء الفقهاء أهمية عملية كبيرة ونعنى بذلك القدرة على ممارسة حق الحضانة، أولاهما تقع حين تتزوج الحاضنة (وخاصة الأم) مرة أخرى؛ وثانيتهما حين يكون الأب مسلم والمرأة التي تناط بها الحضانة ليس مسلمة.
والفقهاء مجمعين في رأيهم عن المسألة الأولى، ذلك أن زواج أم مطلقة أو أرملة هو بطبيعة الحال سبب في فقدان الحضانة، إلا إذا تزوجت رجلًا يمت بصلة القرابة للطفل في نطاق المحارم. ولكن كيف فسر الفقهاء القاعدة والاستثناء مع التوفيق بينهما وبين المبدأ القائل بأن الحضانة تتقرر في مصلحة الطفل؟ وتفسيرهم في ذلك بسيط أو قل سديد. ذلك أن المرأة إذا عادت للزواج بعد الترمل أو الطلاق (ومن حيث العمل هي وحدها التي يعنيها الأمر) فإنه يجب عليها شرعًا بأن تكرس وقتها كله لزوجها الجديد، فالشرع والأخلاق والدين يقضى بذلك، فكيف يمكنها في ظل هذه الظروف أن تمنح الطفل الذي تحتضنه العناية التي