الحضانة، فبصرف النظر عن أي شيء آخر فإنه كيف يتأتى لها أن تعنى بالطفل، على حين أنها في رأى الفقهاء، يجب أن تزج في السجن فورًا وتظل فيه حتى تعود إلى الإسلام؟ وحين يحدث أن تحرم المرأة حقها في الحضانة لأى سبب كالعجز أو عدم الأهلية أو الزواج من خارج العائلة أو المرض، فإنها تستطيع أن تسترد حقها في الحضانة إذا زال المانع إلا في الفقه المالكى. وهذا المبدأ صيغ في وضوح فيما يتعلق بعودة المرأة إلى الزواج، ومن المتفق عليه أنه يمتد إلى الأسباب الأخرى التي تعوق الحضانة أو تفسخها.
(هـ) وتفصل كتب الفقه الكلام عن مسألة لها أهمية عملية كبيرة، ولو أن قواعدها أصبحت الآن قد عفى عليها النسيان إلى حد كبير بسرعة المواصلات. ذلك أنه يحرم على الحاضنة أن تسكن الطفل في مكان بعيد عن سكن أبيه، وإذا غضضنا الطرف عن الفروق وفروع الفروق التي يضعها الكتَّاب فإن المسألة الجوهرية أن المرأة الحاضنة (والرجل إذا تولى الحضانة) ممنوعة من أن تنقل الطفل إلى مكان أبعد بحيث لا يستطيع الأب في يسر أن يشرف على تعليمه وسلوكه وأن يتولى العناية بما يحقق خيره. والخروج على هذا المنع قد يتسبب في انقضاء الحضانة إلى شخص آخر سواء الأب أو أية امرأة أخرى من فرعه.
وإنما ينظر الحنفية إلى حالة أكثر ما تكون تواترًا، وهي حالة الأم تطلق وتصبح حرة في حركتها وهي حاضنة لطفل، فيضيفون إلى شرط منعها من أن تسكن الطفل في مكان بعيد عن الأب، شرطًا هامًا، وهو شرط يمليه الحس العام والإنصاف، فمن بين النساء جميعا اللاتى يجوز لهن تولى الحضانة فإن الأم المطلقة وحدها يمكن أن تحمل طفلها معها إذا استقرت على أن تعود إلى البلد الذي ولدت فيه وعقد الزواج الذي انجبت بمقتضاه الطفل مهما بعد هذا البلد. ذلك أنه من القسوة حقًا أن يؤخذ الطفل الصغير من زوجة مطلقة تعود إلى البلد الذي تسكن فيه