للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أسطورة يونانية أن رائحة شجرة اللبان الذكر كانت مميتة مما دعا إلى إطلاق اسم (أرض الموت) على الوادى الذي نبتت فيه هذه الشجرة؛ ثم أن لغوييى العرب جعلوا لاسم حضرموت صلة بما قيل من أن موقع هذه البلاد ضار بالصحة، ذلك أنهم يقولون إنه مركب من كلمتين (حَضْر) بمعنى مدينة أو أرض و (موت)؛ على أننا إذا صرفنا النظر عن الأمر الواقع وهو: أن الأرض إنما سميت حضرموت في العصور الحديثة، فإن الناس جروا على القول بأن جوها ملائم للصحة. وكان يقطن حضرموت في الجاهلية الصَدفَ أو الصَدفَ. وقد وصل بنو كندة أنفسهم بالصَدف، وكانوا قد هاجروا إليها من البحرين، وأربى عددهم على الثلاثين ألف رجل قرابة مولد النبي. وكانت تجيب أهم عشائرهم وقتئذ. وبلغ عدد رجالهم في عهد الهمدانى ١٥٠٠ نسمة، وحكم حضرموت في زمن النبي [- صلى الله عليه وسلم -] أمراء لقبوا بالعباهلة؛ وقد أسلم الأمير الكندى قيس بن أشعث في زمن النبي [- صلى الله عليه وسلم -]، فلما توفى النبي [- صلى الله عليه وسلم -] ارتد عن الإسلام ولكنه سرعان ما غلب على أمره؛ والإقليم الآن تحت السيادة التركية (١) ولكنها مجرد سيادة اسمية اذ أن الباب العالى لا يحتفظ بحامية في البلاد ولا يفرض عليها شيئًا من الضرائب.

وحضرموت إقليم جبلى يخطه واد عظيم وعدة أودية كبيرة تتفرع منه؛ وتقوم بمحاذاة الساحل تلال تتبعها سلسلة مرتفعة من الجبال أعلاها جبل العرشة (هضبة متسعة الأرجاء)، وتتصل سلسلة ثانية من الجبال بالوادى الكبير إلى الشمال، وهذه تمتد حتى الصحراء الكبرى. ومعظم هاتين السلسلتين من الحجر الجيرى، وهما ممحلتان على الأغلب. وإنما نجد أشجار الصبر الصغيرة والعوسج الشائك والمراعى متفرقة هنا وهناك.

ويمتد الوادى الكبير من الغرب إلى الشرق ثم إلى الجنوب حيث يصب في البحر بالقرب من قرية الصيد "سيحوت"، وهي من أعمال أرض مهرى. وأبعد المدن غربًا في الوادى الكبير هي مدينة شبوة، ومنها يخرج


(١) كان ذلك وقت كتابة المادة قبل الاستقلال.