ووحد الموحدون المغرب إلى حين، وفى القرن السابع الهجرى (الثالث عشر الميلادى)، انقسم المغرب مرة ثانية، ولم تكن هي الأخيرة، إلى ثلاث دول: إمبراطورية بنى مرين في فاس، ومملكة عبد الواد في تلمسان، ومملكة بنى حفص في تونس.
١ - الأمير أبو زكريا يحيا (٦٢٥ - ٦٤٧ هـ = ١٢٢٨ - ١٢٤٩ م)، وقد نال الاستقلال فراح يجمع شتات ما صار يطلق عليه في ذاك الوقت إقليم الحفصيين؛ أي إفريقية كلها، باستيلائه على قسنطينة وبجاية سنة ٦٢٨ هـ (١٢٣٠ م) وتخليصه طرابلس والريف جنوبى قسنطينة من أيدى المنتقض العنيد بن غانية سنة ٦٣١ هـ (١٢٣٤ م) وفى السنة التالية ضم الجزائر ثم أخضع وادى شلف، وشجع أبو زكريا توسع بنى سُليَمَ (كُعوب مرداس) حين ردوا بنى رياح (الدواودة) عنوة إلى إقليم قسنطينة والزاب. وفى سنة ٦٣٦ هـ (١٣٢٨ م) أخضع الهوارة الذين يستوطنون الحدود الجزائرية التونسية. وأحبط مؤامرة خطيرة سنة ٦٣٩ هـ (١٢٤٢ م) وشن هجومًا على تلمسان التي كان قد استولى عليها أوائل سنة ٦٤٠ هـ (يوليو ١٢٤٢ م)، وأعادها إلى عبد الواد مقابل خضوعه لحكم بنى حفص. وفى أثناء عودته تنازل لرؤوس قبائل بنى تجين عن حكمه لأراضيهم، وبذلك أقام في المغرب الأوسط عددًا من الدويلات الموالية له مما يكفل له الأمن. وامتد سلطان أبي زكريا منذ سنة ٦٣٥ هـ (١٢٣٨ م) حتى بلغ مراكش والأندلس ومن ثم توالت عليه أمارات الخضوع. وتوفى أبو زكريا وقد امتد سلطانه إلى شمالى مراكش بأكمله، ودان بنو نصر وبنو مرين له بالولاء.
وقد استمسك بتقاليد الموحدين في مباشرته الشئون المدنية والحربية. وأضاف إلى تونس حاضرة ملكه كثيرًا من المنافع: المصلى، والسوق، والقصبة، والمدرسة (أقدم المدارس العامة في بلاد البربر). ولم يتدخل المذهب الرسمى للموحدين في مذهب المالكية، أو مذهب