الروايات التي تحدثت عنها بالرغم من أن بعض الأحاديث تؤكد أنها أشبهت أباها (مثال ذلك، ابن حنبل، جـ ٦، ص ١٤١، ٢٣٧ وما بعدها) ومن العسير أن نجد أي وجه للتشابه بينهما، وربما تشير هذه الأحاديث إلى السهولة التي تستسلم بها إلى عاطفتها، أو إلى قدرتها على السير في حياتها على طريقتها الخاصة. ولم تكن بالتأكيد من أوسم النساء وأكثرهن خضوعًا. وحين هدد رسول الله بتطليق زوجاته كلهن (البلاذرى، أنساب الأشراف، جـ ١، ص ٤٢٥ وما بعدها الخ .. ) قال عمر لحفصة لا تلحفى في سؤالك ولا تراجعى رسول الله، ولا تسأليه شيئًا وسلينى من مالى ما بدا لك، ولا يغرنك أن كانت جارتك هي أوسم وأحب إلى رسول الله [- صلى الله عليه وسلم -] منك، يريد عائشة. ومن المؤكد أن حفصة لم تكن تغار من بنت أبي بكر، بل على العكس، فقد كانتا صديقتين، وتذكر كثير من الأحاديث أنهما كانتا تتناولان الطعام معًا وتصومان معًا، وتعين كل منهما الأخرى للحفاظ على مكانهما بين نساء النبي [- صلى الله عليه وسلم -]، وربما سعتا إلى رفع شأن والديهما. على أننا يجب أن نذكر أنه في سنوات زواجهما الأولى كانت حفصة هي المهيمنة على عائشة التي كانت لا تزال صبية، ولكن سرعان ما انتقلت هذه الهيمنة إلى عائشة فسيطرت على جماعة من جماعتين من زوجات النبى [- صلى الله عليه وسلم -](عائشة، حفصة، سودة، صفية). وإذا كان لحفصة أى تأثير على النبي ثم على أبيها، فلا بد أنها مارست هذا التأثير عليهما في حصافة بالغة حتى أن المصادر لم تذكر ذلك. ولم تعرف حفصة القراءة والكتابة، بينما كانت بعض زوجات النبي عليه السلام يقرأن ولا يكتبن وبعضهن أميات كل الأمية.
المصادر:
أ - بيانات من التراجم.
(١) ابن سعد: الطبقات، جـ ٣ - ١، ص ١٩٩، ٢٢٢، ٢٥٩، ٢٨٦؛ جـ ٨، ص ٥٦، ٥٨، ٧٦، ١٣١ وما بعدها، ص ١٣٣ وما بعدها، ص ٢٢٢.
(٢) ابن حبيب: المُحبِّر، طبعة حيدر آباد، سنة ١٣٦١ هـ (١٩٤٢ م)، ص ٥٤، ٨٣، ٩٢ , ٩٥، ٩٩.