نفس معنى كلمة "صدق" إلا حينما يكون الأمر أمر "حكم" فإذا حدثت واقعة بالفعل استعملت كلمة حق؛ ولكن الحكم أو التقرير عن هذه الواقعة يوصف بأنه صدق، ولو أنه يمكن استعمال كلمة "حق" فى هذه الحالة أيضًا.
وهذه الكلمة باعتبارها اسما من أسماء الله يكون معناها غالبًا "خالق" وإن كان السند الوحيد لهذا التفسير هو ملازمتها ومقابلتها لكلمة "خلق". (انظر مثلا، إتحاف السادة، جـ ١٠، ص ٥٥٦, س ٢٠: ألسنة الخلق أقلام الحق). ومع هذا فيمكن الرجوع إلى تفسير آخر ذهب إليه ماسينيون (كتاب الطواسين، ص ١٧٤).
وترد كلمة حق بمعنى ما هو لى وما يجب على (حق لى وحق على) أى بمعنى الحق والواجب، هذا فضلا عن المعانى المختلفة التى سبق إيرادها لكلمة حق سواء وصف بها الله وحده أو اشتقت للدلالة على خلقه. ويلاحظ أن هذين المعنيين يرجعان كالمعانى السابقة إلى معنى الثبوت والتعيين. ومن هنا التعبير "حق الله"(فى مقابل حق الآدمى أو حق الناس) فيما يتصل بالعقاب على ما يقترف من سيئات فى جانب الله وحده، أى السيئات التى لا تنال شيئًا ما من حقوق أى إنسان (Handbuch der Islam: Juynboll ص ٢٩٢ الفهرس). زد على ذلك أن كلمة حق مثل كلمة حقيقة يراد بها أحيانًا فى عرف المتصوفة أعلى درجة يمكن أن يصل اليها الصوفى بعد إذ يجاوز المعرفة. ومن ثم "حق اليقين" هو الطمأنينة الحقة التى ينالها المخلوق بفنائه فى الحقيقة المطلقة بعد ما سبق له من "عين اليقين" و"علم اليقين" (انظر فيما يختص بذلك Nicholson: كشف المحجوب، ص ٣٦ وما بعدها؛ القشيرى: الرسالة بشروح العروسى وزكريا، جـ ٢، ص ٩٩ وما بعدها؛ الجرجانى، المصدر نفسه، وقد استقيت هذه العبارة من سورة الواقعة، الآية ٩٥) وحقوق النفس عند الصوفية ما يتوقف عليه حيويتها وبقاؤها وما زاد فهو حظوظ (انظر كشاف اصطلاحات