للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إليهم من غير العرب، فقد نقلوا إلى العربية حكايات عن اليونانية والفارسية والهندية (انظر الفهرست، ص ٣٠٥ وما بعدها؛ حمزة الإصفهانى، ص ٤١ وما بعدها).

ويظهر أنه فى زمن ابن النديم نفسه كان يصح للمؤلف بمعنى الكلمة أن يصنف كتبًا فى الحكايات. وهو يذكر (ص ٣٠٦، س ٩ وما بعده) أسماء كثيرين من هؤلاء المؤلفين. ويروى كيف أن الجهشيارى، وهو من كبار المؤلفين؛ شغل نفسه بتصنيف حكايات كحكايات ألف ليلة وليلة، وكيف أن أخًا للشافعى اشتغل بنسخ هذه الحكايات.

وفى زمن العباسيين كثرت الحكايات وانتشرت انتشارًا كبيرًا؛ فعمد الوراقون إلى وضعها مما أدَّى إلى انحطاط قيمتها الأدبية (ص ٣٠٦، س ٩ وما بعده) وكانت العلاقة بين المضحك والمسامر قريبة جدا (ص ١٤٠ وما بعدها، وبخاصة أخبار ابن أبى العباس الذى كان منجمًا ونديمًا للمتوكل ومصنفا لكتب الباه ص ١٥١، س ٢٣ وما بعده). وكانت هذه الحكايات فى الغالب لا يعرف مؤلفوها، وتذكر ضمن الخرافات مثل حكايات البطالين وحكايات جحا وحكايات "الباه" (ص ٣٠٣ وما بعدها) وخير مثل على هذه الحكايات هو كتاب ألف ليلة وليلة، فقد اشتمل على حكايات بذل فى وضعها من المهارة الفنية ما يفوق بمراحل مهارة القصاص، ولو أنه لا يعرف مؤلفها أو أن واضعيها لم يجرءوا على التصريح بنسبتها إليهم. نضرب لذلك مثلا حكاية "قمر الزمان وبدور" وحكاية "سيدات بغداد"، "والتفاحات الثلاث". والقصص الواقعية وقصص البطولة باعتبارها من السير، وتواريخ الرجال تحتاج إلى سند يؤيدها وذلك بذكر أسماء مؤلفيها ولهذا ذكرت أسماء رجال نسبت إليهم هذه القصص ولكنا نرجح أن هذه الأسماء لا أصل لها.

إن ما ذكرناه فيما سلف يصدق على الأقطار الإسلامية التى تتكلم اللغة العربية. أما تركيا وبلاد الفرس فقد ظفرت فيهما الحكايات بتقدير أدبى أكبر، وبذلت جهود فى صقل أسلوبها