للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يؤمنوا كل التأمين الثغور منذ بداية حكم الحكم الثانى، بل فرضوا الهدنة على أسبانيا المسيحية. وفى خلال ذلك كانت السفارات تصل إلى قرطبة باستمرار من سنة ٣٥٦ إلى سنة ٣٦٥ هـ (٩٦٦ - ٩٧٥ م). وهنالك نقض غرثية فرنانديز صاحب قشتالة السلام بمساعدة جليقية ونبرة، وهزم عند إستبان ده غورماز Esteban de Gormaz ثم عند لانجة على نهر دويره إستركويل Estercuel بالقرب تطليلة. وظهر نشاظ الحكم فى مراكش، إذ كان الفاطميون قد انتقلوا إلى مصر، وانصرفت همته، منذ ظهور سلطان المنصور بن أبى عامر السياسى والعسكرى، إلى إقالة الأمراء الأدارسة. وفى غضون سنوات عشر استطاع الحكم بفعل المؤامرات ونثر الذهب والتدخل العسكرى أن يعمل على أن يُخضع خير قواده مولى غالب الحسَن بن كنّون الإدريسى، وأن يحمله هو وأقربائه إلى قرطبة. وهذا الانتصار الصغير تم الاحتفال به فى أبهة وعظمة بوصفه الحل الحاسم للمشكلة الكبرى فى سياسة الحكم الخارجية، وارتفع صيته المجيد باهتمامه وذوقه الرفيع الذى هيأ له توسيع مسجد قرطبة الرائع وتجميله، وبدا أن نزعاته الأدبية والفنية كانت تنبئ بعهد مديد مثمر، ولكن صحته التى كانت دائما رقيقة، قد انقلبت انقلابًا إلى أسوأ نتيجة لنازلة أدركته سنتين قبل هذه الحوادث، ووقع تدبير شئون الدولة بحكم الواقع فى يد وزيره جعفر بن المصحفى. وحرص الحكم الثانى على أن يضمن استخلاف ابنه الوحيد المراهق هشامًا الثانى، فأبدى رغبته فى أن يبايع بالولاء فى حفل ضخم فى قصر قرطبة، ولكن المنية أدركته فى ٣ صفر سنة ٣٦٦ (أكتوبر سنة ٩٧٦) وتمت البيعة لهشام الثانى فى اليوم التالى. وأظهر الحكم الثانى شدة تقواه قبل أن يدهمه المرض على العكس من سلوك أبيه، وكان يسعى فى حماسة إلى صحبة الفقهاء وعلماء الكلام، وكذلك أهل الأدب والعلماء.