كانت المشورة تعد دائمًا مبدأ أساسيًا فى الحكومة الإسلامية لكن دورها فى الدولة العثمانية كان يعتمد على القوة النسبية للسلطان ووزرائه، وهكذا كان المجلس المخصوص (مجلس خاص) تحت حكم محمود يجاوز قليلًا إرادة السلطان، فقد كان يعين وزرائه أو يصرفهم عن مناصبهم. ولكن إدخال النظم الحديثة تدريجيًا إلى الحكومة وزيادة التعقيد فى الإدارة، أدى إلى تشكيل هيئات متخصصة مثل: مجلس العدل ومجلس الإصلاح ومجلس الشئون العسكرية. وأدى كل هذا إلى تزايد أهمية الوزارات وهيئاتها. واستقلالها. وبمرور الوقت، أصبحت الوزارات مثل وزارة فؤاد باشا وعالى باشا قادرة على تحدى سلطة السلطان.
وكان دستور ١٨٧٦ هو الذى منح لأول مرة الاعتراف الشرعى بمجلس الوزراء الذى يرأسه الصدر الأعظم ويختص "بكل أمور الدولة الهامة الداخلية والخارجية". وأصبح هناك للمرة الأولى مجلس وزراء ولكن بدون مسئولية. فقد استمر السلطان يعين الصدر الأعظم وشيخ الإسلام، ويرشح الوزراء الآخرين "بإرادة" إمبراطورية (مادة ٢٧). وكان جميع الوزراء مسئولين أمامه شخصيا (مادة ٣٠). وهكذا ترسخ مبدأ الوزارة ولكن كان ينقصه التأييد الذى يجعله حقيقة عملية. وكان البرلمان قليل الخبرة ومنقسما على نفسه، واحتفظ السلطان لنفسه بالسلطة الكاملة. إذ أعلن الدستور فى ١٨٧٦, ثم كشف عن تحكمه الشديد عام ١٨٧٧ بتعطيل البرلمان وإيقاف الدستور فى الثلاثين عامًا التالية. وبعد ثورة يولية ١٩٠٨، كان المرسوم الامبراطورى (خط همايون) الصادر فى أغسطس، علامة هامة فى تطور النظام الوزارى عند الاتراك. فقد خول البند العاشر من هذا المرسوم الصدر الأعظم حق تعيين جميع الوزراء ما عدا وزيرى الحربية والبحرية اللذين يعينهما السلطان، كما يعين الصدر الأعظم وشيخ الإسلام. ولكن أعضاء حزب "تركيا الفتاة" لم يقتنعوا بهذا التنازل وأجبروا السلطان على التنازل عن امتيازه بتعيين الوزراء الآخرين ما عدا الصدر الأعظم وشيخ الإسلام. وجعلت الإصلاحات