وفى مجال إقامة العدل، حلت قوانين مدينة وقوانين عقوبات جديدة محل القوانين العثمانية فى وقت مبكر يرجع إلى سنة ١٩٣١ - ١٩٣٢, وأصبح لوزير العدل مع ذلك مهام تنفيذية بحتة. ويقيم العدل "المجلس الأعلى للعدل" الذى يهيمن على القضاة. ونظمت المحاكم آخذة فى الكثير بالنظام المتبع فى سوريا والعراق، أى أنه أصبحت هناك محاكم درجة أولى ومحاكم استئناف فى كل قاعدة من قواعد المديريات الكبرى ومحاكم نقض فى العاصمة، كما كان هناك أيضًا مجلس للدولة لتطبيق العدالة الإدارية. وعلى خلاف الموقف فى مصر، ظلت المحاكم الشرعية والدينية تمارس مهامها فى مسائل الأحوال الشخصية.
ولما كان التاريخ السياسى لسوريا منذ الانتداب الفرنسى وفى أثنائه شديد الاضطراب، فإن الجهاز الإدارى للحكومة فيها سار على منوال لبنان بالرغم من افتقاد سوريا للأساس الطائفى الذى نشأ فى لبنان وفهم ضمنًا. وبعد تقسيم ما يعرف الآن بالجمهورية السورية إلى أربع دول: اللاذقية للعلوييين، وحلب ودمشق وجبل الدروز، وحدّ الفرنسيون كل هذه الدول فى دولة واحدة سنة ١٩٣٦, وقسموا الدولة الجديدة إلى تسع مديريات، بالإضافة إلى مدينة دمشق، يديرها مديرون معينون تعاونهم مجالس محلية. وأنشأ دستور سنة ١٩٥٠ وزارة مسئولة أمام مجلس نيابى واحد. وفى سنة ١٩٥٣، وفى ظل الدستور الجديد للشيشكلى، أصبح هؤلاء مسئولين أمام الرئيس. ومن ثم كان الاتجاه فى سوريا أيضًا إلى إقامة سلطة تنفيذية أوسع. وأخذت الحكومة على عاتقها مسئولية أكبر لتنظيم الاقتصاد القومى والتخطيط له، كما حدث فى البلاد الأخرى.
وفى أثناء الوحدة القصيرة الأجل مع مصر من ١٩٥٨ - ١٩٦١، كان يحكم سوريا مجلس تنفيذى إقليمى قائم بذاته يخص الإقليم الشمالى (سوريا) من الجمهورية العربية المتحدة. وحاولت السلطات المركزية فى القاهرة شيئًا فشيئًا جعل الحكم أكثر