والتدهور الاقتصادى المقترن بسخط الأقاليم والتدخل العسكرى المتزايد فى السياسة، كل هذه العوامل المعاكسة أدت إلى عدم الثقة بالحكومة الدستورية من جانب وبين صفوة المجتمع وقطاعات واسعة من الجمهور السياسى من جانب آخر.
وفى أعقاب الثورة المسلحة الواسعة النطاق والتهديد بانفصال الأراضى الخارجية، نهجت السلطات العسكرية المركزية والتنفيذية الرئيسية نهجًا متسلطًا يتزايد فى شدته، وألغى الرئيس المجلس التأسيسى الذى كان فى حالة توقف كامل، وقضى على بعض الأحزاب وخاصة الحزب السياسى المسلم، منذ عام ١٩٥٧ أخذ يقيم نظامًا سياسيًا جديدًا هو "الديمقراطية الموجهة" وأقر أول دستور مؤقت للجمهورية عام ١٩٥٥، وهو الذى أعيد إقراره بمرسوم الرئاسة فى يوليو سنة ١٩٥٩، الأساس الشرعى لنظام الحكم الجديد. وهكذا اضطرت الحكومة البرلمانية إلى الخضوع لنظام مركزى لا يختلف فى مادته كثيرًا عن الأشكال القديمة.
وسرعان ما طغت الذرائع التى تذرعت بها الديمقراطية الموجهة والتى قامت على صورة متفرقة لا تتسم بحال بتناسق واضح، على البرلمان الذى كان ينعكس عليه التدهور الشديد للأحزاب، وأعيد تشكيله فى الواقع باعتباره تشريعًا يقوم على "المساعدة المشتركة" ويكون أعضاؤه بالتعيين، واتسعت عضويته بانضمام عدة جماعات من العاملين وخاصة من الجيش. وسرعان ما أضيفت إليه أجهزة جديدة كانت فى كثير من الأحيان أضخم من أن تحكم كما كانت متعارضة الإختصاصات. وكان ذلك يتم بإيعاز من الرئيس وباختياره بما فى ذلك "المجلس الاستشارى الأعلى" و"مجلس الشعب الاستشارى المؤقت"(وكلاهما فى الحقيقة قد نص عليه فى أحكام ميثاق ١٩٤٥) بالإضافة إلى "مجلس التخطيط القومى". وتحقيقًا لذلك عينت وزارة رئاسية من ٩٠ وزيرًا. وكان المجلس الاستشارى،