سلطان بنى زيرى وبنى رياح حين استوليا على تونس الخراسانية سنة ٤٥٩ - ٤٦٠ هـ (١٠٦٧ م)، وأراد إحباط هذه المحاولة فسير الأثبج للهجوم على إفريقية سنة ٤٦٠ هـ (١٠٦٧ - ١٠٦٨ م)، فاستولى على لربة، ثم على القيروان (على الرغم من أنه اضطر إلى تسليمها) وعاد إلى القلعة. وكان للناصر على وجه التأكيد بعض الشأن فى بيع القيروان على يد قبيلة زغبة حوالى سنة ٤٧٠ هـ (١٠٧٧ - ١٠٧٨ م) , وهى السنة التى عقد فيها حلف بين بنى زيرى وبنى حماد، ولو أن هذا الحادث الخاص بالبيع يحيط به الغموض، وتزوج الناصر إبنة تميم، واسمها بلارة. وقدر لهذا السلام أن يبقى حتى نهاية حكم تميم سنة ٥٠١ هـ (١١٠٨ م) وهو يعد ذروة ما بلغه بنو حماد من سلطان على أبناء عمومهم الباديسية، الذين قهرهم الغزو الهلالى. وقاد الناصر عددا من الحملات إلى الغرب، وعقد أحلافا مع شيوخ لقبيلة زناتية ذات شأن، وهم بنو ماخوخ. واضطر فى مناسبات كثيرة إلى أخذ قبيلة زناتة بالشدة حين انضمت إلى العرب فى غارات لقطع الطريق.
٦ - المنصور (سنة ٤٨١ - ٤٩٨ هـ = ١٠٨٨ - ١١٠٥ م). رغم حداثة سنه فإن ابن الناصر وبلّارة هذا اتبع خطوات أبيه بحزم، وكان موضع مدح ابن حمديس. واجتاح العرب هذا الإقليم، بيد إن المنصور بقى فى القلعة حتى غادرها إلى بجاية سنة ٤٨٣ هـ (١٠٩٠ - ١٠٩١ م). ويرى ابن خلدون أنه كان الأول من أمراء دولته فى إصدار سكة، وكان هو الذى (مَدَّنَ) مملكة بنى حماد، التى كانت حتى ذلك الحين شبه بدوية، تفتقر إلى ما بلغه بنو باديس أصحاب القيروان من تمدين وتهذيب. ولما تولى المنصور العرش أمر أبى بكنى، بالتخلص من أحد أعمامه أمير قسنطينة بليار، وكافأه على ذلك بإقامته واليا على هذه المدينة، وعلى بونة وفى سنة ٤٨٧ هـ (١٠٩٤ م) انتقض عليه أبو يكنى، وحاول أن يعقد حلفًا واسع النطاق مع أعداء المنصور - تميم (الذى عرض عليه ولاية بونة)، والعرب والمرابطين. واسترد المنصور بونة وقسنطينة ولجأ أبو يكنى إلى جبال أوراس، ثم قتل من بعد. وقُدر