أكسبته معرفته الوثيقة بالشعر والأنساب وتاريخ البدو ومأثورهم، مكانة أثيرة عند الخلفاء، وبخاصة الوليد بن يزيد، وعند الأعيان الذين يلوذ بهم. ولا نعرف على وجه اليقين هل دعاه يزيد بن عبد الملك إلى بلاطه؛ ذلك أن القصة التى رواها (الأغانى، الطبعة الثالثة جـ ٦، ص ٧٥ وما بعدها) متناقضة تاريخيًا، ذلك أن يوسف بن عمر لم يؤمّر على المشرق إلَّا سنة ١٢٠ هـ (٧٣٨ م). وآلمه سقوط دولة بنى أمية أشد الألم. ويبدو أنه قد قصد المنصور (الأغانى، الطبعة الثالثة، جـ ٦، ص ٨٠) ولكنه أحس بإهماله (الأغانى، الطبعة الثالثة، جـ ٦، ص ٨٢ وما بعدها؛ جـ ٨، ص ٢٥٣ وما بعدها) فرجع إلى الكوفة حيث وافته المنية سنة ١٥٥ هـ = ٧٧٢ م (ياقوت) أو سنة ١٥٦ هـ = ٧٧٣ م (الفهرست) والتواريخ المتأخرة عن ذلك ليست وثيقة. وقد نعاه محمد بن كناسة، بمرثية (الفهرست، الخ ... ). وكان من تلاميذه راويته الهيثم بن عَدِيّ (الأغانى، الطبعة الثالثة، جـ ٦، ص ٧٠، ص ٧٢)، وخلف الأحمر (ياقوت، جـ ٤، ص ١٧٩) , والأصمعى الذى كانت جل قصائد امريء القيس قد نقلها عن حَمَّاد.
ولم يكن حماد عالمًا، بل هاويًا، استمتع بالشعر، وعدّه من طيبات الحياة، ولم يهتم كثيرًا بالتأليف وتوثيق أخباره. ولم يعن أية عناية بدراسات النحو التى كانت تحرز تقدمًا سريعًا فى سنى حياته المتأخرة. زد على ذلك أنه كانت قد قامت منافسة بين مدرسى البصرة والكوفة. وقد أكبره أبو عمر بن العلاء مؤسس مدرسة البصرة (الأغانى، الطبعة الثالثة، جـ ٦، ص ٧٣)، ولكن الجيل التالى، أنكره. ويقول يونس بن حبيب البصري إن حمادًا لم يكن على علم بشئ من النحو، والعروض، وصحيح الكلام (الأغانى، الطبعة الثالثة، جـ ٨، ص ٢٨٣؛ والجمحي، ص ١٤) فى حين لم ينكر منافسه الكوفي المُفَضّل بن محمد الضبى، معرفته الواسعة، بيد أنه اتهمه بإفساد المأثور. من شعر البدو برواياته الزائفة البارعة إفسادًا يتعذر إصلاحه (الأغانى، الطبعة الثالثة جـ ٦، ص ٨٩).