يتم بدون إجراء تعديلات تبلغ من العمق ما يجعلها تصرف عن الأذهان تمامًا الظن بأن الأمر كان مجرد محاكاة مملاة لنماذجها, وليس علينا إلَّا أن نقارن أهم بقايا الحمامات من هذا العصر بالمبانى السابقة عليها لكى نتحقق من أصالة الخطة التى نجد أنه لم يعد فيها على سبيل المثال أثر للتتابع التقليدى للأقسام المتدرجة للغرف وهما الأبوديتيريوم (الاستراحة) والفريجيديوم (الغرفة الباردة) والتيبنديريوم (الغرفة الدافئة) ثم الكالديريوم (الغرفة الساخنة) ولا للتناسب بينها بالرغم من أوجه التشابه الشديدة الوضوح فى طرق البناء (استعمال التدفئة المركزية وأنابيب التسخين داخل الجدران على سبيل المثال).
والحق أن أول مصطلح من هذه المصطلحات الخاصة بغرف الحمام يمكن أن يسرى على غرفة تغيير الملابس والراحة فى الحمام الأموى، حيث احتفظت على تفاوت بوظائف ومظهر "الأبوديتريوم" لدرجة تضمين زخارفها تماثيل ولوحات جصية بأشكال مقلدة من أعمال هيللينية (أى على الطراز الإغريقى القديم) ولكن الغرفة المجاورة غير الساخنة لم يعد بها أى أثر أو ملمح مشترك يجمع بينها وبين "الفريجيديريوم" (وذلك على الرغم من أن الاستعمال الشائع لإسم "الغرفة الباردة" قد أدى إلى قدر من الخلط في هذا الموضوع) ولم يبق من "الفريجيديريوم" أبعاده الشاسعة ولا بقى منه - وهو الأهم .. ما به من تجهيزات الأروقة وحمامات السباحة وقاعات الرياضة البدنية"، وهى التى جعلت هذه الغرفة العنصر الأساسى فى حمامات العصور القديمة ومركز النشاط الاجتماعى والرياضى الذى كان الحمام ساحة له. وأخيرًا فإن الغرفتين الساخنتين تختلفان كذلك عن غرفتى "التيبيديريوم" و"الكاليديريوم" العتيقتين (وتسمى الأخيرة أيضًا "السوداتيريوم") فى أنها قصد بهما - بالنسبة لباقى أقسام الحمام - شغل مكان هام تدل أهميته على حدوث تحول عن التقاليد المتبعة فى أواخر العصور القديمة.