للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تأثيرًا راسخًا فى باقى المذاهب الإسلامية فى صميم تكوينها.

١ - المذهب الحنبلى من سنة ٢٤١ إلى ٣٣٤ هـ (٨٥٥ - ٩٤٥ م).

كانت الحقبة الممتدة من عودة المتوكل إلى مذهب أهل السنة (٢٣٢ - ٢٤٧ هـ = ٨٤٧ - ٨٦١ م) حتى ظهور البويهيين سنة ٣٣٤ هـ (٩٤٥ م) هى التى شهدت قيام الحنبلية من حيث هى مذهب بالمعنى الصحيح. وليس ثمة شك فى أن المجموعات الكبيرة من "المسائل" التى خرجت إلى النور وقتذاك بفضل غيرة عدد لا يستهان به من علماء الدين الذين قدموا من شتى بقاع العالم الإِسلامى لشاهدة على الجهد المشترك فى سبيل البحث فى وحدة العقيدة. على أننا - إذا جاز لنا أن نصدر حكمًا على ضوء ما بقى من الرسائل - فإن هناك الكثير من الأسباب التى تجعلنا نذهب إلى أن هذه الرسائل كانت إلى حد كبير مجموعات ينصب التركيز فيها على أفكار بعينها لابن حنبل أو جوانب بعينها من مذهبه، وذلك حسب شخصيات الرواة أو اهتماماتهم. ولم تكن قط رسائل بسيطة من الفكر أو التأمل النظرى المحض، بل كانت بمثابة الاستجابة للحاجة إلى التوجيه الدينى والخلقى، وما أكثر ما كانت تتم فى وقت واحد مع نشر مسائل لشيوخ آخرين، وفى مقدمتهم شيوخ مدرسة الحجاز أو مدرسة خراسان مثل مالك ابن أنس أو الفضيل بن عياض أو عبد الله بن المبارك أو إسحاق بن راهويه. فقد أسهموا فى استقرار المذهب الحنبلي فى مرحلة مبكرة جدًا دون أن يخلصوا من ذلك إلى منهج محدد كل التحديد، تاركين الفرصة - فى الوقت ذاته - لقيام خلافات عن فكر صاحب المذهب تستمر من بعده.

وقد كان لاثنين من أبناء ابن حنبل شأن فى إذاعة مذهبه - أكبرهما صالح المتوفى سنة ٢٦٦ هـ (٨٧٩ - ٨٨٠ م) وقد عمل فى عهد الخلافة العباسية قاضيًا فى طرسوس وأصفهان؛ أما الأصغر عبد الله المتوفى سنة ٢٩٠ هـ (٩٠٣ م) فقد رتب بصفة خاصة مادة كتاب "المسند" وضم إليه عددًا معينًا من الإضافات، وجاء تلميذه أبو بكر