للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

القبر، لم يكن أمرًا مشروعًا, ولكن إعادة الدفن كان أمرًا شائعًا كل الشيوع مما يستدعى الالتفات. والأرجح أن تؤخذ عبارة "أخرجت عظامه، وأعيد دفنها" بمعناها الحرفى. وفى زمن لاحق، نجد كلمة صَبْر، من صَبِر، وتعنى عصارات نبات الصبر، أو عصارات بعض النباتات المرة الأخرى، كانت مستعملة مرادفة للحنطة. ويبدو أن عصارات الصبر ذكرها بعض الكتاب العرب فى قصة ثمود وحسب؛ بيد أنها لم ترد فى غير ذلك إلَّا فى معجم سرياني. وهناك كثير من القصص افترضت وجود التحنيط. ففي سنة ٥٥٩ هـ (١١٦٤ م) مات رجل فى الموصل وحمل جسده إلى بغداد، والحلة، والكوفة، وارتحل به رحلات قصيرة إلى كربلاء, والنجف، ثم إلى مكة، وعرفات، حيث عومل معاملة الحجاج، وحمل آخر الأمر إلى المدينة ليدفن فى الرباط الذى سبق أن أقامه. وفى سنة ٦١٥ هـ (١٢١٨ م) توفى أمير دمشق؛ وظل أمر موته سرًا، وحنط جسده، ووضع فى محفة، ومعه عبد يقوم بالتهوية عليه، ثم حمل إلى دمشق. وفى سنة ٥٥٦ هـ (١٥٢٧ م). مات رجل فى بغداد، وحمل جسده مع الحجاج أثناء العودة إلى وطنهم، ولهذا تركت جثته لدى بعض البدو حتى العام التالى. وتوحى الشواهد بأن التحنيط كان له أثر، وأنه منع تحلل الجسد. ومن ناحية أخرى نجد ابن بطوطة (جـ ٢، ص ٣١٣, ترجمة كب Gibb, جـ ٢، ٤٤٧) يقول إن أحد أبناء صاروخان، حنط ووضع فى تابوت، ودفن فى كنيسة صغيرة ليس لها سقف، حتى لا تفوح الرائحة المنتنة، وقد حدث ذلك كما يبدو سنة ٧٣١ هـ (١٣٣١ م).

وحين مات سيف الدولة سنة ٣٥٦ هـ (٩٦٧ م) غسل جسده بالماء عدة مرات، وبأنواع كثيرة من الطيب، ودهن بالمر والكافور؛ ووضع ١٠٠ مثقال من الغالية على صدغيه ورقبته و ٣٠ مثقالًا من الكافور فى أذنيه وعينيه وأنفه وقذاله. وكان ثمن الأكفان ١٠٠٠ دينار؛ ووضع جسده فى تابوت، ونثر فوقه الكافور. ولما مات ابن كلّس سنة ٣٨٠ هـ (٩٩٠ م) وهب له الخليفة الأكفان، وكانت ٥٠