خطر داهم. وتجد كتب السيرة غضاضة في التعليق على هذا التخلى عن النبي [- صلى الله عليه وسلم -] وهي تلقى تبعة ذلك على البدو المتحالفين من قبيلة سُليم وعلى الطلقاء من أهل مكة الذين كان الإسلام لم يتغلغل في قلوبهم. وتختلف الروايات في وصف المعركة باختلاف أسانيدها، فالقرشية تنسب الفضل في ثبات من ثبت من المسلمين إلى المهاجرين، أما الأنصارية فتنسب هذا إلى الأنصار. وكذلك لم تكن الروايات المتأثرة ببلاط الخليفة في بغداد أقل تحمسًا من الأولى للهاشميين. وقد حاول بعض المؤلفين المساس بسمعة أبي بكر وعمر اللذين وليا الخلافة بعد ذلك.
وقد كان النصر حليف المسلمين آخر الأمر، وشاهد ذلك ما جاء في القرآن وما كان من أمر تقدم النبي [- صلى الله عليه وسلم -] لمحاصرة الطائف، ذلك أن الطريق إلى هذه المدينة كان قد عبد، ولكن كيف تم لجند المسلمين الغلبة والنصر؟ ذلك ما يحدثنا عنه القرآن:"ثم أنزَلَ الله سكينَتَهُ على رَسُوِلِه وعلى المؤمنينَ وأَنزل جنودًا لم تروهَا وعَذَبَّ الذَين كَفَرُوا وذَلكَ جزاء الكافرين". سورة التوبة الآيه (٢٦) وقد كان خالد ابن الوليد قائد الفرسان من المسلمين القلائل الذين جرحوا في ذلك اليوم، ولا شك أنه كان يخاطر بحياته، ومن ثم يدعونا واجب الإنصاف إلى أن ننسب إليه الفضل في انتصار المسلمين، وكذلك ينسب الرواة من أهل المدينة هذا الفضل إلى الأنصار. ولم تكن حنين معركة بالمعنى الحقيقي للكلمة بل كانت هزيمتين منكرتين أصابت الأولى المسلمين ونزلت الثانية بالبدو من هوازن، وهذا يفسر لنا السبب في كثرة الأسرى، فقد جاء في الروايات أن عدد الأسرى بلغ نحوًا من ستة آلاف امرأة وطفل، علاوة على خسائر المسلمين التي لا يؤبه لها والتي بلغت نحو اثنى عشر قتيلًا. أما الغنائم التي غنمها المسلمون فهائلة، فهي تربى على ٢٤ ألف جمل. وقد اعتصم البدو الهاربون وراء أسوار الطائف.