وأسلم أبو هريرة ولزم النبى - صلى الله عليه وسلم - على شبع بطنه، وكان من الفقراء الذين لقبوا بأهل الصُفَّة. وكان بارًا بأمه، وقد أقنعها بالإسلام. وأقامه عمر - رضى الله عنه- والياً على البحرين ولكنه أقاله واستصفى مالًا كثيرًا كان فى حوزته، ثم دعاه عمر إلى استئناف عمله فأبى.
ويقال إن مروان أقامه نائبًا له عندما غاب عن المدينة، على أن ثمة رواية أخرى تزعم أن معاوية هو الذى أنابه.
وقد اشتهر أبو هريرة بالتقوى وحب المزاح. ويقال إنه توفى سنة ٥٧ أو ٥٨ أو ٥٩ هـ، فإذا صدق أنه صلى على عائشة عند وفاتها سنة ٥٨ هـ لوجب أن تكون وفاته سنة ٥٨ هـ (٦٧٨ م) أو سنة ٥٩ هـ وقد بلغ الثامنة والسبعين.
وأسلم أبو هريرة قبل وفاة النبى - صلى الله عليه وسلم - بأقل من أربع سنوات، ومع ذلك فإنه أكثر من الحديث عن النبى - صلى الله عليه وسلم - حتى لقد قدرت الأحاديث التى رواها بخمسمائة وثلاثة آلاف حديث. وقد شمل مسند أحمد بن حنبل ٢١٣ صحيفة من الأحاديث التى رواها (المسند، جـ ٢، ص ٢٢٨ - ٥٤١). وروى الحديث عن أبى هريرة ٨٠٠ محدث أو أكثر.
وثمة رواية -تروى باختلافات يسيرة- وتفسر كيف كان أبو هريرة يكثر الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يقول أبو هريرة إن الآخرين كان يشغلهم القيام على أموالهم، أما هو فقد لزم النبى - صلى الله عليه وسلم - وسمع منه أكثر مما سمعوا، وإن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال له أن يبسط رداءه فبسطه ثم قال له أن يضمه إلى صدره فضمه فما نسى حديثًا بعد.
وقد اضطر أبو هريرة إلى الدفاع عن نفسه حيال الشكوك التى ساورت الناس حول الأحاديث التى رواها. ومن المستحيل أن نتثبت: هل وقع هذا الأمر فعلا أم أنه اخترع للتغلب على الشكوك التى ساورت الناس من بعد فى الأحاديث التى رواها. والأحاديث المنسوبة إليه فيها مادة لا يمكن أن تكون صحيحة، ولكن يصعب علينا أن نقر ما نعته به شيرنكر بقوله: إنه